سياسة

وسيط المملكة يقترح إصدار تشريع يفرض على الإدارة الاعتذار إلى المواطن عن الخطأ

اقترح “وسيط المملكة” إيجاد آلية تشريعية لتفعيل ما سمته بـ”ثقافة الاعتذار” لدى الإدارات العمومية، في إطار مبادرات المؤسسة الرامية إلى دعم الثقة بين المرتفق والإدارة.

وأشار تقرير لمؤسسة الوسيط صدر أخيرا، إلى أن المقترح يهدف إلى إيجاد مدخل تشريعي من مداخل تجسيد الاهتمام اللازم بـ “رضى المواطن” في علاقته مع المرفق العمومي، باعتبار الرضى “أداة” مهمة، ومؤشرا دالا على جودة الخدمات الإدارية، ونتيجة جديرة بالاعتبار في سياق إشاعة مبادئ الحكامة الجيدة في الأداء الإرتفاقي.

وقد خلص المقترح إلى أن هذا الأمر يشكل مدخلا مهما لتطوير أداء الإدارة، وتقوية التزامها بمبادئ الحكامة الجيدة، بغية تلبية الحاجيات المتزايدة للمواطنين، وضمان الكرامة الإنسانية، بما في ذلك كرامة المتعامل مع الإدارة العمومية.

وقد اعتبر وسيط المملكة من خلال مقترحه هذا، أن مفهوم الكرامة الإنسانية داخل الإدارة، يميل بشكل مباشر على شعور المرتفق بالتقدير والاحترام، مشيرا إلى أن الإدارة تملك القدرة على مراعاة ذلك فيما تتخذه من قرارات وما تقدمه من خدمات، وهي أمور -يضيف التقرير- تجعل العلاقات الارتفاقية متسمة بالتوازن، والقدرة على تدبير الأمور بشكل عقلاني ورصين، وعلى تجاوز الصعاب والخلافات بأقل تكلفة ممكنة، وعلى نسيان المشاعر السلبية، التي يمكن أن يثيرها تعرض المواطن في وقت من الأوقات لموقف مزعج أو لضرر يوجب التعويض.

كما اعتبر المقترح أن التعويض المادي الذي قد يستحق المتظلم بعد مسطرة قضائية نراعية، يبقى في كثير من الأحيان، غير كاف لجبر الأضرار، التي يمكن أن تخلقها بعض الوضعيات، وما يرافقها من احتياجات نفسية تؤثر سلبا على نضرة المرتفق المتضرر إلى الإدارة، وتذكي إحساس الانتصار “عوض المصالحة”، وسيادة الانصياع بـ “الظلم الإداري”، وهو الانطباع الذي لن يلين منه سوى الإقرار بالخطأ من صرف مرتكبيه والاعتذار عن حصوله.

وأكد التقرير أن هذا المقترح يدل على وعوي المؤسسة التام بأن التفكير في إشاعة “ثقافة الاعتذار” لدى الإدارة العمومية، هو تفكير يتسم بنوع من الجرأة والاستباقية في بيئة ثقافية ما زالت تتمسك في كثير من الأحيان بفكرة السيادة المطلقة للإدارة، وتخشى الإفصاح عن الهفوات والأخطاء المرتكبة، مضيفة أنه قد آن الأوان، لإدخال وترسيخ ممارسات حضارية جديدة، من شأنها أن تساهم في ظهور متميز ومغاير للمرفق العمومي، تتعزز وتبرز فيه صفات المسؤولية والنزاهة والوضوح والشفافية والاحترام واللياقة، من خلال إشاعة ثقافة الاعتذار بانعكاساتها الإيجابية ليس فقط على المتضرر، بل وأيضا على الممارسات المهنية الإدارية عموما.

وشدد المقترح أن خطوة من هذا القبيل، لا يمكن أن تبقى منفردة، بل ينيغي أن تندرج ضمن مقاربة شاملة وعمل دؤوب، لتفادي تكرار نفس الأخصاء أو السلوكيات الموجبة للاعتذار، وأن يواكب ذلك “تشريع حمائي” يعرف بموجبه “الاعتذار” وسبل تفعيله.

ومن جانب طمأنة مقدمي “الاعتذار الإداري” وكفالة الحماية الضرورية لهم، أشار المقترح إلى أن الاعتذار المتحدث عنه، يتوجب أن يكون اعتذارا مؤطرا تشريعيا، حيث لا يمكن أن يشكل بأي حال من الأحوال اعترافا صريحا أو ضمنيا بحصول الخطأ الموجب للتعويض، أو حجة يعتد بها أمام القضاء، كما لا ينبغي أن يمس بمبادئ إثبات الوقائع التي تدخل في خانة الأخطاء الموجبة للتعويض ولا أن يقوم مقام هذا الأخير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى