من المستفيد من سقف السعر المفروض على النفط الروسي؟
ويرى الخبراء أن أميركا قد تكون الرابح الأكبر من هكذا قرار في حال نفذت على سيناريو الغاز الذي تبيعه للاتحاد الأوروبي بأربعة أضعاف سعره، على النفط وخصوصاً أنها أعلنت عن عزمها سحب النفط من الاحتياطي الاستراتيجي.
ودخل القرار حيز التنفيذ الإثنين الماضي، بعد أن اتفقت دول مجموعة السبع وأستراليا على حد أقصى لسعر برميل الخام الروسي عند 60 دولاراً، بهدف “تقليل عائدات روسيا وإعاقة قدرتها على تمويل حربها في أوكرانيا مع الحفاظ على تدفق النفط الروسي إلى الأسواق العالمية” بحسب مجموعة السبع.
ويحظر سقف الأسعار على شركات دول مجموعة السبع التعامل مع التأمين أو إعادة التأمين أو تمويل تجارة النفط أو التعامل مع شحنات النفط الخام الروسي إلى دول ثالثة ما لم يتم بيع النفط بالسعر المحدد أو أقل.
مستشار الطاقة الدولي عامر الشوبكي قال في حديثه لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”: “إن الأنظمة السياسية الغربية مستفيدة من السقوف السعرية بعد أن أسهمت بشكل كبير بتخفيض أسعار النفط التي وصلت إلى مستويات ما قبل الحرب الروسية الأوكرانية وحتى ما قبل السنة الحالية، أي أن أسعار النفط خسرت جميع مكاسبها خلال العام الحالي لتصل إلى أقل سعر منذ ديسمبر 2021”.
ويوضح الشوبكي أن تطبيق سقف على سعر النفط الروسي يسهم في تهدئة أسعار النفط والمشتقات النفطية كالبنزين والديزل وكذلك تهدئة معدل التضخم في الغرب والذي أحرج ارتفاعه الأنظمة السياسية الغربية وخاصة الولايات المتحدة إذ أن سعر البنزين ومعدلات التضخم يشكلان جزءاً رئيسياً من شعبية الرئيس الأميركي والأنظمة السياسية الأوروبية”.
ومن جهة ثانية، أصبح للدول التي فرضت السقوف السعرية الفضل في حصول الصين والهند وتركيا والدول الصديقة لموسكو على النفط بأسعار تفضيلية من الجانب الروسي، ولكن هذا كله مشروط بعدم تصرف روسيا بشكل انتقامي وقلب الطاولة على الجميع، أما إذا تصرفت بشكل انتقامي وخفضت إنتاجها النفطي فسترتفع الأسعار وهذا لم يحدث حتى الآن، وفقاً للشوبكي، الذي أكد أن المركز التفاوضي للدول الصديقة لروسيا أصبح افضل حتى لو لم توافق على السقوف السعرية، وبالتالي فهي مستفيدة من القرار وخصوصاً إذا ما علمنا أن المصافي الهندية تعمل حالياً بكامل طاقتها جراء شرائها النفط الروسي حيث تصدر هذه الكميات المكررة ويذهب جزء منها إلى الدول الأوروبية والولايات المتحدة.
ونوه الشوبكي في شرحه لاستفادة الأنظمة السياسة الغربية من قرض السقف السعري على النفط الروسي بأنه هناك فارق بين تأثير حظر الاتحاد الأوروبي لواردت النفط الروسي وبين السقف السعري الذي جاء بهدف نزع فتيل صدمة الأسواق من الحظر الذي فرضته أوروبا عل النفط الروسي.
ويشير مستشار الطاقة الدولي عامر الشوبكي إلى أن السقف السعري أعطى رخصة رسمية للتعامل مع النفط الروسي، بعد أن كانت شركات النفط والشحن وكبار التجار يخشون من التعامل مع النفط الروسي لعدم وقوعهم بشكل أو بآخر تحت ظل أي عقوبات أميركية.
من جانبه، يرى المستشار في شؤون الطاقة الدكتور مصطفى البزركان أن “ارتفاع أسعار النفط حالياً أقل بكثير مما كان متوقعاً حين تنفيذ قرار فرض السقوف على النفط الروسي، وهذا يعود إلى ثلاثة عوامل رئيسية أولها التصريحات الصينية التي تطالب جميع الأطراف بتوفير النفط، وثانيها تأكيد الصين بأن لديها علاقات تعاون مع روسيا في مجال الطاقة، أما العامل الثالث فيتجلى في إعلان باكستان بأنها ستستمر في استيراد النفط الروسي وكذلك الديزل والغازولين، ما يجعل تأثير القرار على الاتحاد الأوروبي أكبر من تأثيره على النفط الروسي ذاته”، متوقعا أن تدور مستويات أسعار النفط لنهاية العام حول 90 دولاراً للبرميل إن لم يكن أقل من ذلك”.
ويضيف البزركان لـ “اقتصاد سكاي نيوز عربية”: “مع نهاية هذا الشهر لن يتوقف النفط الروسي الذي يتم نقله عبر البحر فقط بل ستتوقف أيضاً أنابيب نقل النفط الروسي إلى بولندا وألمانيا، كما سيتوقف في الخامس من شهر يناير المقبل استيراد الأوروبيين للمنتجات البترولية من روسيا، الأمر الذي يجعل الولايات المتحدة الرابح الأكبر من قرار فرض السقف السعري، وخصوصاً أن الولايات المتحدة أعلنت أنه يمكن أن تسحب النفط من احتياطيها الاستراتيجي، ما قد يوصلنا إلى مرحلة شبيحة بالغاز الأميركي الذي يباع إلى الاتحاد الأوروبي بأربعة أضعاف سعره”.
وحول الخطوات المتوقعة من روسيا بعد تهديد الكرملين باتخاذ خطوات انتقامية رداً على قرار مجموعة السبع قال المستشار في شؤون الطاقة الدكتور مصطفى البزركان: “قد تخفض روسيا إنتاجها النفطي ولكن ليس في الأيام القادمة إنما على المدى المتوسط، كما أنها يمكن أن تمنع تصدير الغاز إلى أوروبا، بالإضافة إلى احتمال توفير شركات تأمين من خلال الصين والهند وحتى من روسيا نفسها لتغطية شحنات النفط الروسي، والنقطة الأهم أننا لا نعلم ماذا سيحصل على أرض الواقع في أوكرانيا من تصعيد اقتصادي وعسكري”.