لماذا هبط النفط بعد اقتراح سقف بين 65 و70 دولارا لخام روسيا؟
تحولت أسعار النفط للتراجع بقوة خلال تعاملات الأربعاء بينما تبحث مجموعة الدول السبع وضع سقف سعري للنفط الروسي فوق المستوى الذي يجري تداوله عنده حاليا، وهو ما أعطى إشارة للأسواق بأن السقف السعري قد لا يكون له تأثير كبير على المعروض من النفط الروسي.
وخسرت العقود الآجلة لخام برنت أكثر من 3.5 بالمئة، إلى 85.19 دولار للبرميل، كما تراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بنحو 3.5 بالمئة إلى حوالي 78 دولارا للبرميل.
وكانت عقود كلا الخامين ارتفعت أكثر من دولار للبرميل في وقت سابق من اليوم لكنهما “تخليا عن مكاسبهما إثر تقارير بأن السقف الذي ستفرضه مجموعة السبع على سعر النفط الروسي قد يكون أعلى من المستوى الذي يجري تداوله عنده في الوقت الحالي” وفقا لما قاله جيوفاني ستاونوفو محلل السلع الأولية لدى يو.بي.إس.
وقال مسؤول أوروبي الأربعاء إن دول مجموعة السبع تدرس فرض حد أقصى لسعر النفط الروسي المنقول بحرا بين 65 و70 دولارا للبرميل.
ويناقش سفراء من دول الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 دولة هذا الاقتراح بهدف التوصل لموقف مشترك. وتتباين وجهات النظر داخل الاتحاد الأوروبي، فبينما يدفع البعض لإقرار سقف سعر أقل بكثير يطالب آخرون بسقف أعلى.
وحيث أن تكلفة الإنتاج تقدر بنحو 20 دولارا للبرميل، فإن الحد الأقصى سيضمن ربحية لروسيا من بيع نفطها ومن ثم منع حدوث نقص في الإمدادات في السوق العالمية.
ويتم بالفعل بيع خام الأورال الروسي ضمن النطاق الذي تجري دراسته، عند نحو 68 دولارا للبرميل، بحسب وكالة رويترز.
تأثير محدود على المعروض
هذا المستوى السعري المقترح الذي تدرسه مجموعة السبع حاليا، خفف المخاوف بشأن تأثير السقف السعري سلبا على المعروض من النفط الروسي، بعد أن كانت التسريبات تشير إلى أنه لن يزيد على 60 دولارا فقط.
وتبيع روسيا خام الأورال في الوقت الحالي بخصومات كبيرة تتراوح بين 20 و30 دولار للبرميل، في ظل العقوبات المفروضة عليها من الغرب، ويدور السعر الذي تبيع به حاليا حول 60 دولارا للبرميل، وهو ما يعني أن السعر المقترح (65 و70 دولارا للبرميل)، قد لا يكون له تأثير كبير على المبيعات الروسية.
ومن المنتظر هذا الأسبوع الإعلان عن المستوى الذي ستعتمده مجموعة السبع سقفا لأسعار النفط الروسي، حيث من المتوقع أن تطرح إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، السعر المقترح للخام الروسي، للتشاور مع دول الاتحاد الأوروبي، قبيل اجتماع وزراء طاقة التكتل المقرر عقده الخميس، وفي حال اعتماده سيجري الإعلان عنه بشكل رسمي.
تهدف أميركا والغرب من فرض السقف السعري على الخام الروسي، إلى الحد من عائدات روسيا من الطاقة بعد حربها ضد أوكرانيا، وفي نفس الوقت الحفاظ على الإمدادات الروسية في السوق، خشية دفع الأسعار لمزيد من الارتفاع.
سيمنع الحد الأقصى لسعر النفط الروسي، الشركات من توفير الشحن وتقديم خدمات مثل التأمين والوساطة والتمويل، اللازمة لنقل النفط الروسي لأي مكان في العالم، ما لم يتم بيعه بأقل من عتبة السعر المتفق عليه.
ويتم نقل ما بين 70 إلى 85 بالمئة من صادرات الخام الروسية بواسطة الناقلات وليس خطوط الأنابيب. وبالنظر إلى أن مقار أبرز شركات الشحن والتأمين في العالم موجودة في دول مجموعة السبع، فإن سقف السعر سيجعل من الصعب جدا على موسكو بيع نفطها بسعر أعلى.
لكن في المقابل هناك العديد من الانتقادات لمقترح فرض سقف سعري على الخام الروسي، وتحذيرات من أنه قد ينعكس سلبا على الغرب، لما قد يسببه من نقص في الإمدادات، وزيادة الأسعار، في الوقت الذي يعاني فيه السوق في الأساس من نقص المخزونات.
كما أن بعض المراقبين يرون أن هذا الإجراء مجرد محاولة لحفظ ماء الوجه للغرب وأمريكا، وأن روسيا لن تتأثر به خاصة أنها وجهت أغلب إنتاجها بالفعل ناحية آسيا وخاصة الصين والهند، وتبيعهم الخام بأسعار مخفضة.
أيضا، يرى المراقبون، أنه بعد حظر الاتحاد الأوروبي استيراد النفط المنقول بحرا من روسيا اعتبارا من 5 ديسمبر المقبل، فإن الأسواق المؤهلة لمواصلة استيراد الخام الروسي، ستكون هي نفسها التي تحصل على خام الأورال الروسي في الوقت الحالي بأسعار منخفضة.
مقترح صعب التطبيق
من جهته، قال عضو المجلس الاستشاري الوطني لمعهد الاوراق المالية والاستثمار البريطاني في الإمارات، وضاح الطه، في تصريحات لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن مقترح وضع سقف سعري على النفط الروسي، من الصعب تطبيقه على أرض الواقع، وإنه يمكن الالتفاف عليه عبر أكثر من طريقة.
“من حيث المبدأ، فإن تحديد سعر سلعة عالمية خارج نطاق العرض والطلب، هو انتهاك لمبادئ التجارة العالمية الحرة، وانتهاك لأحد مبادئ التجارة العالمية، كما أنه من الصعب جدا على الغرب الاستغناء عن النفط والغاز الروسي، خاصة أنها عضوة في مجموعة أوبك+ التي تحكمها اتفاقيات تلزم الدول الأعضاء بالإبقاء على سقف إنتاج لكل منها ضمن النطاق المتفق عليه، ومن ثم فإذا قررت روسيا خفض إنتاجها، فلن يتم تعويضه من الدول الأخرى”، بحسب ما قاله الطه.
وأضاف أن روسيا يمكنها الالتفاف حول هذا المستوى السعرى المقترح، من خلال عقد اتفاقيات تجارية بينية للتعامل بالعملات الوطنية بعيدا عن الدولار، مثل اليوان أو الروبية في تعاملاتها التجارية مع الصين والهند.
وأشار إلى أن روسيا قد تلجأ أيضا لتسعير منتجاتها باليورو، وليس الدولار، وبالتالي فإن المعاملات لن تمر عبر غرفة المقاصة في نيويورك، وبالتالي لن تعرف أميركا من الذي اشترى أو باع، هذا إلى جانب صعوبة السيطرة على حركة التجارة العالمية الضخمة، وتفتيش كل السفن للبحث عن النفط أو المنتجات البترولية الروسية.
“أيضا هناك احتمال أن تلجأ روسيا إلى تبديل شهادة بلد المنشأ.. عبر تخزين نفطها في دول أخرى، وتصديره بشهادات تحمل أسماء دول أخرى”.
ورغم ذلك، يرى الطه، أن السقف السعري ربما يؤدي لخفض الإنتاج الروسي بما يهدد بالمزيد من ارتفاع التضخم العالمي، نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة ويزيد من الضغوط السياسية والاجتماعية في الاتحاد الأوروبي.