نقابة تهاجم مشروع الشركات الجهوية باعتباره “بوابة لخوصصة القطاع” وتدعو للتصعيد ضده
عشية مصادقة مجلس الحكومة المنعقد يوم الخميس الماضي، على مشروع القانون المتعلق بإحداث الشركات الجهوية المتعددة الخدمات لتوزيع الكهرباء والماء والتطهير السائل، عبر إنشاء اثني عشرة شركة بكل جهات المملكة، سارعت الجامعة الوطنية للماء الصالح للشرب، المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل بالمغرب، إلى إعلان رفضها لهذا القانون، وقالت إن هذا المشروع الذي أشرفت عليه وزارة الداخلية، لم تخضعه لنقاش عمومي ولم تستشر فيه الفرقاء الاجتماعيين وفي مقدمتهم الجامعة الوطنية للماء باعتبارها النقابة الأكثر تمثيلية، رغم الوعود التي تم تقديمها خلال الاجتماع الذي دعت له وزارة الداخلية يوم 10 دجنبر 2021، في شخص العامل مدير شبكات التوزيع المحلية والجامعة الوطنية للماء الصالح للشرب.
وأوضحت النقابة ذاتها، أن وزارة الداخلية لم تمدها بمشروع القانون المذكور، لإبداء رأيها حوله قبل عرضه على الجهات المختصة.
وكشفت الجامعة الوطنية للماء الصالح للشرب، أن وزارة الداخلية، لم تأخذ باقتراحات الجامعة الكتابية التي وجهتها شهر فبراير 2022 لكل الوزارات الموقعة على مذكرة التفاهم المتعلقة بهذه الشركات، وكذا مرافعات الجامعة بخصوص إعادة هيكلة التوزيع الذي ضمنته بمقترح مشروع اتفاق الذي قامت الجامعة بصياغته بعد تكليفها بذلك من قبل ممثلي الوزارات الموقعة على مذكرة التفاهم والمكتب .
وقالت النقابة، “إن قطاع الماء بالمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب الذي تعتزم الدولة إصلاحه حقق الكثير من النتائج من خلال الأهداف التي سطرت له منذ تأسيسه سنة 1972، حيث تم تكليفه بالتخطيط الاستراتيجي وإنتاج الماء والحفاظ على جودته، وبتكليف كذلك من الدولة تدخل المكتب في مجال توزيع الماء والتطهير السائل بالعديد من المدن والمراكز والجماعات الترابية، وساهم بشكل فعال في تعميم التزود بالماء الصالح للشرب بالوسط القروي، حيث بلغت نسبة تزويد المواطنين حوالي 99% بالحواضر وأكثر من 97% بالعالم القروي رغم الإكراهات التي واجهها وطبيعة الوسط القروي وتفرق تجمعاته السكانية وتباعد مداشره.
واعتبرت النقابة أيضاً، أن “كل هذه النتائج الإيجابية تحققت بفضل تضافر جهود جميع المستخدمات والمستخدمين بالمكتب حيث أصبح المكتب موضع ثقة المانحين الدوليين، مكنته من تسيير مرفق الماء الصالح للشرب بعدة دول إفريقية، كما أن إنجازاته جعلته يحقق أرباحا لما يزيد عن خمس سنوات متتالية كما أشارت إلى ذلك البلاغات الصحفية للمكتب عقب انعقاد المجلس الإداري للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب بوم 27 يوليوز 2021”.
ورغم هذه النتائج الإيجابية المسجلة، إلا أن نقابة الاتحاد المغربي للشغل، أعلنت في بيان لها توصل “اليوم 24″، بنسخة منه، أن “الدولة جعلت المكتب يعيش عدة إكراهات تؤثر عليه سلبا، لعدم أدائها مستحقاته من الضريبة على القيمة المضافة لدى الدولة ومتأخرات الاستهلاك لدى الإدارات العمومية ومتأخرات بيع الماء للوكالات وكذا مستحقات المكتب في مساهمة الجماعات في تمويل المشاريع المشتركة للماء الصالح للشرب والتطهير السائل، ناهيك عن تجميد تعرفة بيع الماء التي لا تكفي لتغطية مصاريف الإنتاج والتوزيع دون أن تتدخل الدولة لإيجاد حلول أو بدائل لذلك”.
وشددت النقابة، على أن المكتب الوطني للماء، ظل ينتج ويوزع الماء لعموم المواطنين بتعرفة اجتماعية بشكل تضامني وتآزري بين الجهات حفاظا على المستوى المعيشي للمواطنين ودون استهداف للربح. كما أن التقارير الرسمية للمجلس الأعلى للحسابات أكدت كل ذلك، وأشارت إلى تشابه مستوى الخدمة المقدمة للمرتفقين مثله مثل باقي المتدخلين في المجال من وكالات التوزيع والخواص، مؤكدة أن تقييم تجربة المكتب وطبيعة مجال تدخله لم يتم التطرق لهما، ولا تتوفر الجامعة على أية دراسات تثبت ذلك.
وقالت النقابة أيضاً، “إن كانت الدولة تحاول إشراك القطاع الخاص في تدبير بعض المرافق العمومية عبر الاستثمار والتدبير، إلا أن بعض القطاعات الاجتماعية كالصحة والتعليم وقطاع الماء وغيرها، لا يمكن أن تراهن فيه الدولة على خدمات الخواص لتناقض مبدأ الخدمات الاجتماعية والتدبير عبر الخواص الذي هدفه الربح وهما شيئان نقيضان.
وطالبت النقابة، بضرورة أن يحظى هذا الورش باهتمام خاص، وأن يفتح نقاش عمومي وطني حوله، بتشخيص معيقاته والحلول الممكنة وضرورة تحمل الدولة لدورها في حماية الطبقات الهشة، أخذا بعين الاعتبار ما يعاني منه المواطنون جراء غلاء المعيشة برفع الدعم عن المحروقات وتحرير أسعارها، والتدابير المتخذة لدعم مهنيي النقل دون أن تفي بالغرض المنشود.
واعتبرت النقابة أن ما أقدمت عليه الحكومة، يعد قرارا خطيرا ومجانبا للصواب وغير محسوب العواقب في حق المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب المشهود له بالعمل الجاد والمسؤول والذي قدم ولايزال يقدم الخدمة المطلوبة للمواطنين كيفما كانت الظروف وبأثمنة اجتماعية تراعي القدرة الشرائية للمواطنين ويساهم في التنمية المستدامة للبلاد رغم الإكراهات التي يواجهها، ثم إن هذا المكتب لم يدخر جهدا في تقديم نفس الخدمة لساكنة العالم القروي كما قدمها ويقدمها لساكنة الحواضر.
وتشبثت الجامعة الوطنية للماء الصالح للشرب المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، بضرورة الإبقاء على المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب كمؤسسة عمومية وعدم المساس به ورهنه للوبيات ورجال أعمال الرأسمالية المتوحشة التي تنقض على كل الخدمات العمومية باستهدافها للربح ولا شيء غير الربح، رافضة بشكل قطعي إحداث شركات جهوية لتوزيع الكهرباء والماء والتطهير السائل تحت وصاية وزارة الداخلية.
وأعلنت شجبها لعرض مشروع القانون على أنظار المجلس الحكومي دون إخبارها أو الأخذ بمقترحاتها الكتابية، وتشبثها بالمكتب الوطني كمؤسسة عمومية يحق له احتواء هذه الشركات وإعطائها صلاحيات موسعة تحت وصايته وتحت لوائه.
ودعت النقابة، كل الغيورين على القطاع والخدمة العمومية للوقوف ضد هرولة الدولة نحو تسليع الماء كمادة حيوية وإيقاف دعمه الشيء الذي سيكتوي به عموم الشعب المغربي على غرار ما يقع اليوم في قطاع المحروقات.