مزايا وعقبات.. روسيا تعزز نفوذها في “الساحل” بعد زيارة تبون
ويوضح دبلوماسي روسي سابق، وخبير أمني جزائري، لموقع “سكاي نيوز عربية” ما يتوقعانه من اختلاف بين مرحلتي الوجود الروسي والوجود الفرنسي في المنطقة على مستقبل الإرهاب، وانعكاس الاتفاقيات بين الجزائر وروسيا في هذا الشأن خلال زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى موسكو الأسبوع الماضي.
وأظهرت تصريحات تبون ونظيره الروسي فلاديمير بوتين ثقل ملف الإرهاب في أجندة التعاون، حيث قال تبون صراحة لبوتين: “نبارك العلاقات الموجودة حاليا بين مالي وروسيا”، والتشاور بين موسكو والجزائر حول هذا الملف، إضافة للاتفاق حول ملف ليبيا.
من جانبه، أكد بوتين دعم بلاده للجزائر ضد الإرهاب، والذي ترتبط هجماته عليها بوجود الحركات المسلحة في ليبيا ومالي.
خبرات ثقيلة
الدبلوماسي الروسي السابق والمحاضر في المدرسة العليا للاقتصاد في موسكو، سيرغي بورفيوف، يتفاءل بثمار هذا التعاون على أساس:
- امتلاك البلدين خبرات واسعة في مكافحة الإرهاب، مشيرا إلى تجربة موسكو في الشيشان وسوريا، وتجربة الجزائر مع الجماعات المسلحة في العشرية السوداء (1991- 2002).
- روسيا تهتم بدعم الحكومات في مواجهة الحركات الإرهابية.
والعلاقات الأمنية والعسكرية بين البلدين قديمة، كما أن الجزائر هي المستورد الأول في إفريقيا للسلاح الروسي، وأجرى جيشا البلدين مناورات مشتركة عامي 2021 و2022.
شراكة “رابح- رابح”
الخبير الجزائري في الشؤون الأمنية أحمد ميزاب يرجح من تصريحات تبون في موسكو حول الإرهاب في الساحل، ظهور فرق عما كان عليه الحال مع التدخل الفرنسي في المنطقة، قائلا إن الزاوية التي انطلقت منها روسيا في هذا الملف تختلف تماما عن تلك التي انطلقت منها فرنسا.
ويضيف موضحا:
- باريس استثمرت في مكافحة الإرهاب بفتح قواعد عسكرية في المنطقة.
- موسكو تدعم المؤسسات العسكرية والأمنية بالمعدات العسكرية المتطورة والدعم اللوجستي وبناء هذه المؤسسات في مواجهة الإرهابيين، كما تدعم استقرار الدول.
- دول أخرى كانت تقوم بتحييد المؤسسات الأمنية لدول منطقة الساحل.
- الوجود الروسي مرحب به من دول في الساحل أخرجت الكارت الأحمر لفرنسا بعد فشلها في صناعة الاستقرار.
- لروسيا تاريخ إيجابي بدورها في دعم حركات التحرر من الاستعمار في القارة.
- تعتمد روسيا على شراكة “رابح- رابح”، التي تقوم على تبادل المنافع وتعظيمها بينها وبين الدول المتعاونة معها، وليس على استنزاف مواردها الاقتصادية على حساب التنمية.
في الوقت نفسه، يحذر الخبير الجزائري من أن الوجود الروسي سيزيد الصراع الدولي المحموم حول حصص النفوذ في منطقة الساحل؛ وهو ما سيكون له انعكاساته.
واضطرت فرنسا لسحب قواتها من مالي أغسطس 2022، بعد احتجاج من السلطات المالية التي اتهمت باريس بعدم تحقيق النجاح في محاربة الإرهاب منذ قدومها للبلاد عام 2013.
احتجاج المعارضة
سرَّعت دول في إفريقيا بالفعل تعاونها مع روسيا في مكافحة الإرهاب والتمرد في بلادها العامين الأخيرين، عبر استقدام مقاتلي شركة “فاغنر” المسلحة الروسية الخاصة، وعقد اتفاقيات تسليح متقدمة، ومنها جمهورية إفريقيا الوسطى ودولة مالي.
إلا أن جماعات معارضة في هذه الدول لا تؤيد التدخل الروسي؛ باعتبار أنه يدعم بقاء الحكومات التي تسعى لتغييرها، ومنها حركات مسلحة في إقليم أزواد في شمال مالي التي خاضت مع السلطات معارك طويلة.
وفي ذلك يقول ممثل “الحركة الوطنية لتحرير أزواد” في موريتانيا السيد بن بيلا إن روسيا “قطعا لن تساهم في الاستقرار في أي مكان في العالم”، متهما إياها بـ”دعم الديكتاتوريات والأنظمة الشمولية”.