مراكز علاج الإدمان.. “استثمار رائج” في السودان
لكن من جانب آخر، يشكو الأهالي من الارتفاع الكبير في تكاليف العلاج، مما يضطرهم لتسفير أبنائهم إلى الخارج بتكاليف أقل.
وتقدر تقارير غير رسمية في السودان متوسط الارتفاع في معدلات الإدمان بأكثر من 15 بالمئة سنويا خلال السنوات العشر الأخيرة، خصوصا بين أوساط الشباب.
وأسس مستثمرون خلال الفترة الأخيرة أكثر من 10 مراكز متخصصة لعلاج الإدمان في الخرطوم وعدد من المدن الأخرى، غير أن تكلفة العلاج والإقامة بها تعتبر مرتفعة للغاية بالنظر إلى المدة الطويلة التي يتطلبها العلاج، بما قد يصل في المتوسط إلى 40 يوما، حيث تصل التكلفة إلى ما يعادل أكثر من 50 دولارا يوميا في بعض الأحيان.
وفي مجتمع تصل به معدلات الفقر إلى أكثر من 60 بالمئة من عدد السكان البالغ نحو 40 مليون نسمة، يجد معظم الأهالي أنفسهم أمام 3 خيارات، إما الذهاب بأبنائهم إلى المستشفيات الحكومية القليلة المتوافرة التي تعاني نقصا كبيرا في الكادر البشري والتجهيزات، أو إدخالهم المراكز الخاصة التي ترتفع تكلفتها بشكل كبير، أو تسفيرهم إلى دول أخرى لتلقي العلاج بكلفة أقل.
وتقول “م ع” لموقع “سكاي نيوز عربية”، إنها ظلت لأكثر من عام تبحث عن طريقة لعلاج ابنها البالغ من العمر 30 عاما من دون جدوى، حتى اضطرت في نهاية الأمر لبيع منزلها للتمكن من علاجه في إحدى الدول المجاورة.
وتوضح المتحدثة: “ظللت لعدة أشهر أتردد على المراكز الحكومية قليلة التكلفة لكن حالة ابني لم تتحسن، وعند لجوئي إلى المراكز المحلية الخاصة وجدت أن تكلفتها تزيد 3 مرات تقريبا عن تكلفة العلاج في الخارج”.
لكن المدير الطبي لمركز “حياة” الحكومي لعلاج الإدمان عمر عبد الباقي، يقول إن المركز يقدم خدمات مقبولة وبتكاليف معقولة في مجال العلاج والتأهيل النفسي والاجتماعي.
ويشير عبد الباقي لموقع “سكاي نيوز عربية”، إلى أن تكلفة العلاج في المركز تكون في الكثير من الحالات في مقدور معظم فئات المجتمع، بل “في بعض الحالات يقدم العلاج مجانا أو بتكاليف رمزية لغير المستطيعين، بعد إجراء دراسة حالة اجتماعية للوضع الأسري للمدمن”.
ويوضح: “المركز يستقبل جميع الحالات ويعمل على علاج المدمن ثم إعادة دمجه في المجتمع”.
وحول طبيعة طالبي العلاج في المركز، يقول عبد الباقي إن أعمارهم تتراوح بين أقل من 15 عاما وحتى أكثر من 65 عاما، لكن “بشكل عام أكثر المترددين من فئة الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 24 و34 عاما”.
ووفقا للمدير الطبي في مركز “حياة”، فإن أسباب الإدمان متنوعة ومتداخلة ويدخل فيها الجانب النفسي والاجتماعي والسياسي والأمني، في حين يتمثل العامل المشترك في توفر وانتشار المخدرات وسهولة الحصول عليها.
ومن جهة أخرى، تعزي الأخصائية النفسية سارة أبو تلك الزيادة الكبيرة، إلى تزايد الضغوط النفسية الناجمة عن الأوضاع الاقتصادية المتدهورة وعدم اهتمام الدولة بالبرامج والأنشطة التي تستوعب طاقات الشباب.
وتقول أبو لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن الصعوبات الكبيرة في الحصول على فرص العمل المناسبة إضافة إلى نقص المراكز الشبابية والرقابة الأسرية والظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها السودان تشكل أسبابا رئيسية لانتشار ظاهرة تعاطي المخدرات بين أوساط الشباب”.
وتشير الإخصائية النفسية إلى “ضرورة وضع برامج اقتصادية واجتماعية مدروسة تساعد على توجيه طاقات الشباب نحو أنشطة مفيدة، بعيدا عن الظواهر السلبية”.