د.عبدالعزيز الجار الله
اتجه العالم بأسره بما فيه الدول العربية التي نالت تحررها من الاستعمار الأوروبي إلى التنمية الحضارية والاقتصادية بعد توقف الحرب العالمية الثانية 1945م.
لكن العرب صدموا في وقت مبكر باحتلال إسرائيل لفلسطين عام 1948 وتم تأجيل مشروع التنمية إلى مرحلة لاحقة، ثم دخلوا في صراع ضد هذه الدولة المحتلة التي ساعدها الاستعمار الأوروبي وأمريكا ورسخ إسرائيل في دولتها الجديد وساعدها الغرب في حروبها عبر مزيد من احتلال فلسطين والأراضي العربية عام 1967 قدم لها غطاء عسكرياً ودبلوماسياً ضامناً تفوقها العسكري بالمنطقة، وتم تأجيل التنمية العربية في الستينات، تلاها حرب استنزاف استمر حتى عام 1973 قيام الحرب العربية الإسرائيلية، ليتم أيضاً تأجيل التنمية بفعل حرب أكتوبر 73 .
وفي خضم الاستعداد للتنمية العربية قامت الثورة الإيرانية عام 1979 تلاها مباشرة عام 1980 الحرب الإيرانية العراقية -حرب الخليج الأولى – وأجلت التنمية بانشغال الشرق العربي بحرب الخليج، ثم تلاها حروب 1990 احتلال العراق للكويت وتحريرها، ثم عام 2003 احتلال أمريكا للعراق.
عام 2010 شهد الوطن العربي الحدث الأكبر الذي هز أركان الشرق والغرب العربي، حيث اجتاح بلدانه فوضى الربيع العربي ولم تتعاف بعض دوله حتى الآن.
عام 2019 ضرب فيروس كورونا (كوفيد -19) العالم أجمع والدول العربية ضمن من ضرب ليهز الدول والاقتصادات حتى عام 2022 .
لكن العرب بقيادة السعودية وانضمام العديد من الدول العربية بعد أن انقشعت جائحة كورونا قررت بفضل من الله السعودية والدول العربية عدم الرضوخ والاستسلام لـ(متواليات وتتابع) الحروب والبدء مباشرة في التنمية الحضارية والاقتصادية التي حضرت لها السعودية عام 2016 خطة ما بعد النفط للمملكة رؤية السعودية 2030 ، أُعلن عن الرؤية سمو الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز في 25 إبريل 2016م، وكانت المملكة مرت بدورات اقتصادية حضارية الأولى عام 1975 ، والثانية عام 2023م، لكنها كانت محلية وتتبع التطور الحضاري المحلي ومنفصلة عن تجارب الدول العربية، هي تجربة خليجية في التطوير العمراني والسكاني.
أما التنمية الحالية التي بدأت مع الرؤية السعودية 2030 فهي تنمية عربية عالمية بمشروعات حديثة تشمل البنية التحتية التقنية التي تقوم على الذكاء الاصطناعي، وتتوافق مع الثورة الصناعية الرابعة التي يعيشها العالم، بدأتها السعودية بشركات واتفاقات دولية لمشروعات جبارة، واليوم تتوجه بالاتفاقات الجماعية مع الصين إبان زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال الفترة 7-9 ديسمبر 2022م إلى السعودية وإقامة القمم الثلاث.
كان لتوجه سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الانتقال الواثق من محلية التنمية والتجربة المنفردة لكل دولة عربية على حدة، إلى عمل سعودي خليجي عربي جماعي بمشاركة عالمية.