الشعر الوطني نوع حديث من أنواع الشعر العربي تدور مواضيعه بشكل أساسي حول الوطن، فيتغنى الشاعر به من حيث جماله وجلاله، ويبكيه رثاءً لمآسيه، ويخلد أبطاله، ويفضح أعداءه، ويتجاوز مجرد الترابط المكاني إلى الترابط الروحي والوجداني.
ويتميز الشعر الوطني بأسلوبه الحماسي، ولغته القوية، وصوره البيانية التي تثير في النفوس مشاعر الحب والاعتزاز بالوطن. ومن أهداف إثارة الحس الوطني لدى الشعوب وتعزيز الانتماء للوطن، وترسيخ قيم المواطنة الصالحة لديهم. كما يستخدم هذا النوع من الشعر من أجل الدعوة إلى الوحدة الوطنية وتخليد البطولات الوطنية. وعندما يتغنى الشاعر بوطنه فإنه لا ينافق أو يكذب، بل يعبر عن عواطف قوية صادقة نحو بلاده تترجم غيرته عليها والدفاع عن مصلحتها.
ومن أشهر رواد الشعر الوطني في العالم العربي تحضر أسماء فطاحلة الشعر ومنهم محمود سامي البارودي، وأحمد شوقي، وحافظ إبراهيم، ومحمد عبد المطلب، وفاروق جويدة، وأمل دنقل، وأبو القاسم الشابي، ونازك الملائكة، وبدر شاكر السياب، وصلاح عبد الصبور، ومحمود درويش، وفدوى طوقان، ونزار قباني، وعلال الفاسي، وإبراهيم السولامي وغيرهم.
وفي يوم 22 فبراير من هذا العام احتفلت المملكة العربية السعودية بيوم التأسيس، وهو مناسبة وطنية للاحتفاء بذكرى تأسيس الدولة السعودية على يد الإمام محمد بن سعود منذ ثلاثة قرون. وفي هذه السنة تم اختيار شعار «يوم بدينا»، لتعزز القيم والمعاني المرتبطة بهذه الذكرى الوطنية المميزة.
وبهذه المناسبة نظم الشاعر الدكتور سالم بن محمد المالك، المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة- إيسيسكو- قصيدة شعرية بعنوان (ومضات في يوم التأسيس) قال في مطلعها:
نهرٌ من الحبِّ لا وادٍ من الكذِبِ
تَسقيهِ مملكةٌ من خيرِها العذِبِ
ولا تُبالي بغربانِ العداءِ لها
مهما تطاولت الأحقادُ بالرِّيَبِ
وأبرز الشاعر المكانة الحضارية لبلده ودورها في الوحدة العربية الإسلامية والتزامها بالدين الإسلامي، وحرصها على ترسيخ قيم العدالة والحق قائلاً:
شعارُها أن يكونَ السِّلمُ منهجَنا
فلا تناحرَ بين الأخوةِ العربِ
يقودُها مَن بدينِ اللهِ ملتزمٌ
فليس يسعى بغير الحقِّ كالشُّهبِ
فيوم تأسيسُها يومٌ لأمّتنا
يُسطَّرُ المجدَ في زاهٍ من الكتبِ
فيه تجللت الآمالُ و ازدهـرت
وأشرقَ الحبُّ فالتاريخُ في عجَبِ
ومنه قامت على التوحيدِ مملكةٌ
قوامُها العزِّ في عالٍ من الرُّتبِ
ثم انتقل ليصف نضال الشعب والتحامه القوي حول قيادته في السراء والضراء، والتضامن في دحر الطامعين من الغزاة والطغاة والمفسدين، وفي البناء والعمل الجاد قائلاً:
تجاسرَ الشرُّ والأشرارُ واجتمعوا
فهالهم ما رأوا من لُحْمةِ النّسَبِ
ألم يروا كيف أن الشعبَ بايعهم
وقال قولتَه في موقفِ الكُرَبِ
نحن الفداءُ لهم بالصّبرِ نُثبته
لا نشتكي من عناءٍ فيه أو تعبِ
هذي السعوديةُ الشماءُ مفخرةٌ
تحنو على الكلِّ مهما كان من عتبِ
و ترتقي في سياساتٍ تُؤكدها
في موقفِ الجدِّ لا تخشى من الغضَبِ
فإنها الدولةُ البُشرى لإخوتِها
وأنها الدولةُ الكبرى لدى النُّخَبِ
وختم القصيدة بالتعبير عن الاعتزاز بهويته واستعداده للدفاع عن وطنه وحمايته من الأخطار التي تتربص به بجرأة وشجاعة وإقدام، مفتخراً أن بلده أكرمها الله بخدمة الحرمين الشريفين وبقيادة متلاحمة وولاية عهد حكيمة تستشرف المستقبل الزاهر الرحب.
أنا السعوديُّ لا أرضى الهوانَ ولي
عهدٌ مع المجدِ بين الأفقِ والسُّحبِ
نذرتُ نفسي بأن أحميكَ يا وطني
ولستُ مثل جبانٍ لاذ بالهرَبِ
عيشي بلادي فربُّ البيتِ أكرمَنا
بخادمِ الحرمين الثابتِ الطُّنبِ
وفي وليٍ لتاج العهدِ ذي كرمٍ
وافي الدراية بالمستقبلِ الرَّحِبِ
بحر من الشوق بي..أهواك مملكتي
وقلبيَ الصبّ موارٌ من الوصَبِ
وفيضُ فخرٍ من الأمجادِ يعبرُ بي
في زاخر من علاه الشامخ اللَّجِبِ
فإن ذا يومك الساري على ألقٍ
يشدو به العمر أنغامًا من الطرب
يذكر أن الشاعر الدكتور سالم بن محمد المالك دأب على نظم قصائد يتغنى فيها ببلده المملكة العربية السعودية ويبرز تقديره وافتخاره بما حققته من إنجازات باهرة تحت القيادة الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وبذلك يستحق أن يرشح لجائزة (شاعر الوطن).
** **
المحجوب بنسعيد – الشبكة الدولية للصحافيين العرب والأفارقة