م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1 – صدمات الحياة هي فرصة للنضج والتوسع والتجربة والتطور وخلق أهداف جديدة، والسير في مسارات جديدة، وبناء شبكة علاقات جديدة.. الصدمات تجعلنا أكثر إنسانية وتعاطفاً وتقبلاً وتفهماً لأنفسنا وللآخرين، وتوسع من مداركنا تجاه رغباتنا وشهواتنا، ونصبح أكثر قدرة على التحكم بها والتوقف عن إشباعها، وتزيد من قدرتنا على رؤية أنفسنا فنشعر بثقة أكبر بالنفس، وتصبح لدينا الرغبة في انتهاز الفرص المتاحة والاستفادة منها دون خوف، لأننا نكون قد مررنا بالتجربة وصرنا أكثر إحاطة بما كان وما سوف يكون في هذه الحالة.
2 – صدمات الحياة تثمر عن وعي ذاتي أكبر، فنتوقف عن التسويف والتبرير واللامبالاة والكسل، ونتمعن في حالنا ومكاننا ودورنا في الحياة والمحيط الذي نعيش فيه، وننتبه إلى اتجاهنا الذي نسير فيه ونُقَيِّم أهدافنا ورغباتنا، ونحاكم قيمنا ومعتقداتنا التي كنا نسلم بها حتى أتت تلك الصدمة التي أجبرتنا على إعادة النظر في كل شيء آمنا به أو اعتدنا عليه دون فحص ومحاكمة.
3 – صدمات الحياة تضعنا أمام تحديات في الأفكار والمفاهيم والعلاقات وأساليب التعامل.. تجعلنا في تحدٍّ مع أنفسنا هل نكره أم نسامح، هل ننتقم أم نغفر، هل نسير في ذات الاتجاه وبذات الأسلوب أم نُغَيِّر، هل نحتفظ بأفكارنا ونلتزم بمفاهيمنا ونستمر في علاقتنا أم نجدد، هل نواصل أم ننسحب.. بمعنى هل نتغير أم نبقى كما كنا؟
4 – صدمات الحياة تجعلنا ننتبه للقصور الذاتي الذي يحتل مشاعرنا دون أن نتخلص منه رغم علمنا أنه شعور بذيء غير صحي ولا أخلاقي.. تدفعنا أن نتخلص من هذا الجزء الوضيع في شخصياتنا، الجزء التافه والأناني، والرخيص، والمتآمر، والمرتاب، والانتقامي، والحقير، والضعيف، والمذنب، والمتكبر.. ذلك الجزء الذي يستنزف طاقاتنا، ويضعنا في مواقع العار والمهانة وقلة الاحترام.. ذلك الجزء الذي يجعلنا نكره أنفسنا ونجلدها، ويملؤنا بالشعور بالذنب الذي يُنْهِك نفسياتنا ويهد صحتنا.
5 – صدمات الحياة ترفع من إدراكنا حول من نكون، وما هي قدراتنا، وماذا نريد، وكيف نصل، ثم تأتي الرغبة في النهوض، ومنها ينشأ لدينا معنى جديدٌ للحياة، فيبدأ احترامنا لذواتنا بالارتفاع، وتزول مشاعرنا السلبية تجاه النفس أو الآخرين، ونتوقف عن البحث عن النجاح عن طريق غيرنا، ونعرف أن النجاح في الحياة لا يأتي إلا عن طريق أنفسنا فقط ولا أحد غيرنا، فيمتلئ فراغنا الداخلي، وتتبدد مشاعر الإذعان والضعف والشك الداخلي.