“سلاح ذو حدين”.. هذا تأثير قرار العراق “الشائك” على حدوده
ومؤخرا قالت الحكومة العراقية في بيان بعد اجتماع للمجلس الوزاري للأمن الوطني، إنها قررت “وضع خطة لإعادة نشر قوات الحدود العراقية لمسك الخط الصفري على طول الحدود مع إيران وتركيا”، مضيفة أن هذه الخطة ستوضع “بالتنسيق مع حكومة إقليم كردستان العراق ووزارة البشمركة”.
ويرى خبراء ومراقبون في هذا القرار خطوة ضرورية لكبح التمادي الإيراني والتركي في استباحة السيادة العراقية، فيما يحذر آخرون من أن هذه الخطة محفوفة بالمحاذير والصعاب، وأن الأمر قد يتطور فيما بعد إلى صدام مباشر بين الجيش العراقي والقوات الإيرانية أو التركية، أو بينه وبين جماعات المعارضة التركية والإيرانية المتواجدة على أراضي العراق.
ومن جهة أخرى، ينبه محللون إلى ما قد تفجره إعادة الانتشار العسكري العراقي هذه من حساسيات بين قوات البشمركة والقوات الاتحادية العراقية، بينما يعتقد آخرون أن حضور بغداد العسكري في الخطوط الأمامية على الحدود سيقوي موقف إقليم كردستان العراق في مواجهة التهديدات الخارجية.
تضاريس صعبة
وتبقى العقدة وفق خبراء عسكريين، تداخل السلاسل الجبلية بتضاريسها بالغة الوعورة عبر حدود البلدان الثلاثة، التي عادة ما يتخذ منها مسلحو المعارضة الكردية في تركيا وإيران مقرا وممرا، ولا يمكن للجيوش النظامية بسط السيطرة الكاملة عليها، علاوة على أن الحدود المشتركة للعراق مع إيران طويلة جدا (نحو 1500 كيلومتر)، فيما يبلغ طولها مع تركيا نحو 350 كيلومترا، وهي مسافة طويلة نسبيا أيضا.
ويقول الباحث السياسي والأمني العراقي رعد هاشم: “يصعب تطبيق قرار العراق بنشر قوات الحدود أو الجيش أو البشمركة على طول حدوده التي تفصله عن إيران وتركيا، بسبب معرقلات شتى من بينها انشغال القوات العراقية بمقاتلة الجماعات الإرهابية، يضاف لها علاقة الحكومة الاتحادية مع إقليم كردستان التي لا تتيح حركة انسيابية مرنة أو مريحة في الأراضي الخاضعة له”.
ويضيف هاشم في لقاء مع موقع “سكاي نيوز عربية”: “كذلك هناك معوقات فنية تتعلق بوعورة المناطق الحدودية وخطورتها، وطبيعة الأجواء وهطول الثلوج في الشتاء، الأمر الذي يزيد صعوبة التأقلم والتمكن لأي قوات لإتمام أداء واجباتها بصورة صحيحة وملائمة، تتناسب مع خطورة الموقف هناك”.
الحل سياسي
ويرى الباحث السياسي والأمني أن “الحكومة العراقية توجهت لمعالجة يمكن وصفها بالوقتية والشكلية، في محاولة لتهدئة موقف إيران وتركيا تمهيدا للبحث عن حلول ناجعة تتفق عليها الدول المعنية بالأمر، فنشر قوات عسكرية على طول الحدود لن يكون فاعلا بما فيه الكفاية لسد الفراغ الأمني، كون الموضوع يحتاج أساسا لمعالجات سياسية من كلا الطرفين، إيران وتركيا، واللجوء إلى تسوية سلمية مع المعارضة للحد من العمليات العسكرية المناهضة لهما، أكثر من الحاجة إلى القيام بعمليات عسكرية خارج حدودهما، فالمشكلة في الأصل داخلية”.
ويستطرد هاشم: “تبقى عملية الوصول للحل الأمثل لمعالجة هذه الأزمة المستعصية مرهونة بتدعيم روح المسؤولية المشتركة بين العراق والدولتين المعنيتين، اللتين تشكيان تسلل معارضين مسلحين لداخل أراضيهما، وعدم الاكتفاء بإلقاء اللوم على العراق واعتباره هو المقصر فقط”.
ويختم حديثه قائلا: “في هذا المنحى فإن الحري بإيران وبتركيا نشر قواتهما في المقابل على طول حدودهما مع العراق لسد الفراغات الأمنية ومنع تجاوز الحدود، وعدم التذرع باتفاقات قديمة أكل عليها الدهر وشرب لتبرير التعدي على سيادة العراق، والشروع بدلا عن ذلك بحوار موسع ومثمر مع بغداد لوضع اتفاقات جديدة تتناسب والتغيرات الحاصلة عراقيا وإقليميا ودوليا”.
تفاصيل خطة الانتشار
• الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية اللواء يحيى رسول، أكد في بيان سابق أن “المجلس الوزاري للأمن الوطني ناقش بحضور أعضاء المجلس ورئيس أركان قوات البشمركة الكردية، الاعتداءات والخروقات التركية والإيرانية على الحدود العراقية والقصف الذي طال عددا من المناطق في إقليم كردستان العراق، وتسبب بترويع الأهالي وإلحاق الأذى بهم وبممتلكاتهم”.
• أكد الناطق أنه “في إطار العمل لوقف هذه الاعتداءات إلى جانب استمرار الجهود الدبلوماسية، فقد اتخذ المجلس وضع خطة لإعادة نشر قوات الحدود العراقية لمسك الخط الصفري على طول الحدود مع إيران وتركيا”.
• أوضح أنه “سيتم تأمين جميع متطلبات الدعم اللوجستي لقيادة قوات الحدود وتعزيز القدرات البشرية والأموال اللازمة وإسنادها بالمعدات وغيرها بما يمكنها من إنجاز مهامها، وستتم المناورة بالموارد البشرية المتاحة لوزارة الداخلية لتعزيز المخافر الحدودية والتنسيق مع حكومة إقليم كردستان العراق ووزارة البشمركة لإنجاز نشر القوات وتأمين متطلباتها اللوجستية بهدف توحيد الجهد الوطني لحماية الحدود العراقية”.