سقف سعري للنفط الروسي.. هل يكون هدفا عكسيا في مرمى الغرب؟
أسواق النفط على موعد مثير للجدل، فاعتبارا من 5 ديسمبر المقبل، سيبدأ الاتحاد الأوروبي حظر استيراد النفط الروسي المنقول بحرا، وذلك بالتزامن مع فرض مجموعة الدول السبع الكبرى، لسقف سعري على واردات الخام الروسي.
ومن المنتظر هذا الأسبوع الإعلان عن المستوى الذي ستعتمده مجموعة السبع (G7) سقفا لأسعار النفط الروسي، حيث من المتوقع أن تطرح إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، السعر المقترح للخام الروسي، للتشاور مع دول الاتحاد الأوروبي، قبيل اجتماع وزراء طاقة التكتل المقرر عقده في 24 نوفمبر، وفي حال اعتماده سيجري الإعلان عنه بشكل رسمي.
وبحسب ما ذكرته وول ستريت جورنال، الثلاثاء، فإن مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي يدرسان سقفا عند 60 دولارا للبرميل على النفط الروسي، ردا على الحرب الأوكرانية.
تهدف أميركا والغرب من فرض السقف السعري على الخام الروسي، إلى الحد من عائدات روسيا من الطاقة بعد حربها ضد أوكرانيا، وفي نفس الوقت الحفاظ على الإمدادات الروسية في السوق، خشية دفع الأسعار لمزيد من الارتفاع.
سيمنع الحد الأقصى لسعر النفط الروسي، الشركات من توفير الشحن وتقديم خدمات مثل التأمين والوساطة والتمويل، اللازمة لنقل النفط الروسي لأي مكان في العالم، ما لم يتم بيعه بأقل من عتبة السعر المتفق عليه.
حفظ ماء الوجه
لكن في المقابل هناك العديد من الانتقادات لمقترح فرض سقف سعري على الخام الروسي، وتحذيرات من أنه قد ينعكس سلبا على الغرب، لما قد يسببه من نقص في الإمدادات، وزيادة الأسعار، في الوقت الذي يعاني فيه السوق في الأساس من نقص المخزونات.
كما أن بعض المراقبين يرون أن هذا الإجراء مجرد محاولة لحفظ ماء الوجه للغرب وأمريكا، وأن روسيا لن تتأثر به خاصة أنها وجهت أغلب إنتاجها بالفعل ناحية آسيا وخاصة الصين والهند، وتبيعهم الخام بأسعار مخفضة.
أيضا، يرى المراقبون، أنه بعد حظر الاتحاد الأوروبي استيراد النفط المنقول بحرا من روسيا، فإن الأسواق المؤهلة لمواصلة استيراد الخام الروسي، ستكون هي نفسها التي تحصل على خام الأورال الروسي في الوقت الحالي بأسعار منخفضة تقترب من السقف السعري المقترح.
الانتقادات الموجهة لمقترح فرض سقف سعري جاء بعضها من قلب المعسكر الغربي نفسه، حيث وصف وزير الخزانة الأميركي السابق، ستيف منوشين، خطة مجموعة السبع لوضع حد أقصى لأسعار النفط الروسي بأنها “سخيفة”.
وقال: “الفكرة ليست غير مجدية وغير قابلة للتنفيذ فحسب، ولكنها من أكثر الأفكار سخافة التي قد سمعتها على الإطلاق”.
وكالة الطاقة الدولية، أيضا، قالت الأسبوع الماضي، إنه من المتوقع أن يهبط إنتاج النفط الروسي إلى 1.4 مليون برميل يوميا العام المقبل، بعد نفاذ حظر الاتحاد الأوروبي على صادرات الخام الروسي المنقولة بحرا.
وقالت الوكالة التي مقرها باريس في تقريرها الشهري عن النفط، إن التحرك لحرمان موسكو من الإيرادات سيؤدي إلى مزيد من عدم اليقين لأسواق النفط وسيضيف مزيدا من الضغوط على الأسعار، بما فيها أسعار الديزل.
وقالت الوكالة إن الحظر الذي سيفرضه الاتحاد الأوروبي على واردات الخام والمنتجات النفطية الروسية، وحظر الخدمات البحرية سيضع المزيد من الضغوط على توازنات النفط العالمية، خاصة على أسواق الديزل التي تعاني بالفعل من شح شديد.
رد الفعل الروسي
فكرة الغرب بشأن سقف سعر الخام الروسي، تفترض أن موسكو سوف تستجيب لهذا الإجراء، وتواصل بيع النفط، لأسواق أخرى وفق السعر المحدد، لكن ماذا لو قرر الرئيس فلاديمير بوتين أن هذا السقف أمر غير مناسب ولن يطبقه؟
روسيا لديها موقف واضح تجاه هذا المقتر، وهو الرفض التام. وقال نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، الاثنين، إن موسكو لن تنقل الخام أو منتجاته لدول تفرض سقفا للأسعار.
وأضاف نوفاك، أن موسكو قد تلجأ أيضا إلى تخفيض الإنتاج في حال فرض سقف لسعر النفط.
هنا سينقلب السحر على الساحر، حيث أن خفض الإنتاج الروسي، سيؤدي إلى نقص المعروض في السوق، خاصة مع تمسك تحالف الدول المصدرة للنفط “أوبك+” بخطط خفض الإنتاج الحالية، وهو ما يعني مزيد من الارتفاع في الأسعار.
لعبة الكراسي الموسيقية
في مقابلة مع “سكاي نيوز عربية” ضمن برنامج عالم الطاقة مع لبنى بوظة، وصف الدكتور أنس الحجي مستشار التحرير في منصة الطاقة ما سيحدث في أسواق النفط بعد فرض سقف على سعر النفط الروسي بلعبة الكراسي الموسيقية قائلاً: “سيكون هناك استثناءات لأربع دول أوروبية من حظر الاستيراد ثلاث منهم عبر الأنابيب، في حين سيستمر أنبوب دروجبا بضخ النفط إلى هذه الدول، ولكن بالنسبة للدول الأخرى كل ما سيحصل يشبه لعبة الكراسي حيث سيتم توجيه سفن باتجاه وأخرى باتجاهات مختلفة، ما يعني أنه لن يكون هناك شح في الإمدادات، ولكن سترتفع التكاليف بسبب تغيير اتجاهات الشحنات”.
ويضيف الحجي حول السعر المتوقع لصادرات النفط الروسية: “التوقعات تحوم حول 60 دولارا لسقف سعر برميل النفط الروسي وهو نفس السعر الذي تعمل به الآن كل من الهند والصين وبالتالي فإن القرار على الأغلب سيكون لحفظ ماء الوجه بالنسبة للولايات المتحدة وغيرها من الدول التي تقف وراء هذه الخطوة”.
وبحسب الدكتور الحجي، فإن “سبب الحديث عن هذا السعر يعود إلى أن نظام الضرائب الروسي لا يتيح للشركات أن تحقق أي أرباح فوق سعر 55 دولارا للبرميل وبالتالي لو تم تحديد سعر أقل من هذا المستوى سينخفض إنتاج النفط الروسي ما سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار في السوق بشكل كبير وهذا لا تريده الإدارة الأميركية، لذلك نقول إن سعر 60 أو 65 دولارا يعد اختيارا منطقيا من حيث التكاليف ولكنه نفس السعر الذي تدفعه الهند والصين، لكن هذا السعر لا ينطبق على الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لأن الاتحاد الاوروبي سيوقف الاستيراد رسميا في 5 ديسمبر المقبل والولايات المتحدة أوقفت الاستيراد رسميا منذ عدة شهر، ما يعني أن السعر سيطبق على الدول الأخرى التي تريد أن تشتري النفط من روسيا”.
ويشير مستشار التحرير في منصة الطاقة في حديثه لسكاي نيوز عربية، إلى أن الولايات المتحدة تريد أن تقوم الدول الأفريقية بالاستيراد من روسيا بالسعر المحدد حتى تستفيد من شركات التأمين الأميركية ومن خدمات الشحن الأميركية.