م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1- الذي يكتب لنفسه تخرج كتابته حَارَّة مُبَاشِرة بلا رقابة ولا حسابات، لكن مشكلتها أنها تكون أيضاً بلا منطق، يلفها التبرير والتمني، ولا تحسب حساب فهم الآخرين ولا تهتم بقناعاتهم أو مصالحهم.
2- حينما تكتب لنفسك تكون كتابتك ذات عاطفة جياشة، تخرج من القلب، والذي يخرج من القلب يتجه للقلب عادة، بخلاف حينما تكتب للغير تكون كتابتك عقلانية منطقية، تحسب لمعاني الكلمات حسابها، يهمها الإقناع ومنطق الفكرة، ولا يهمها أن تصل إلى قلب القارئ، بل إلى عقله.
3- حينما تكتب لنفسك فأنت تكتب بلا (فلاتر) ولا حواجز ولا محاذير.. فأنت تكتب لنفسك ولن يطلع عليها أحد غيرك، ولن تدعي الموضوعية لأنك تكتب لنفسك، حتى النظر إلى ما تريد قوله في كتابتك تنظر إليه من زاوية واحدة وفي اتجاه واحد، ودوافعك للكتابة تنحصر في رغباتك وأمانيك ومصالحك.
4- حينما تكتب لنفسك فأنت لا تخاف من أن تؤذي أحداً، أو أن تخشى نقد آخر، أو أن تحرص على أن تبتعد عن مس مشاعر أو أحاسيس فئة ثالثة، فأنت تكتب بعيداً عن الرقابة أو الحسابات الخارجية.
5- حينما تكتب لنفسك سوف تجد أنك لا تلف ولا تدور ولا تبالغ في الشرح أو الاستطرادات.. فقد تكتب وتعبر عما في مكنونك دون النظر حولك أو خلفك أو أمامك، فقط تكتب بلا وجل أو تزويق أو تجميل متكلف، تكتب المعنى الذي في قلبك ليس إلا.
6- حينما تكتب لنفسك فأنت لا تبحث عن إعجاب الآخرين أو إقناعهم بوجهة نظرك، فهذه الكتابة لك وليست للآخرين، تتنفس من خلالها وتقول كتابةً ما تقوله في أحلامك أو أحاديث اليقظة التي تمارسها حينما تكون وحدك.
7- حينما تكتب لنفسك فأنت لا تحتاج للتفكير في الموضوع، أو التأمل فيه، أو الحديث عنه، أو البحث عن مواده التي تساعدك في إثراء كتابتك، فالكتابة للنفس هي تفكير مكتوب، تفكير في مسودته الأولى الذي يحتاج إلى تنقيح ومن ثم البناء عليه.
8- حينما تكتب لنفسك فأنت تحيط كتابتك بالسرية، فلا بأس أن تتعرى أمام نفسك لكن ليس أمام الآخرين، فلا تكشط أو تحذف أي عبارة كتبتها لعدم لياقتها، لأنك تكتب وأنت صادق مع نفسك ولا تخشى حكم الآخرين عليك، لأنهم لن يَطَّلعوا عليها.
9- حينما تكتب لنفسك فأنت لا تتصنع في خطابك، ولا تزخرف كلماتك، ولا تُلَمِّع جُمَلك بسجع أو استعارات، فقط تكتب ما في خاطرك والخارج من قلبك بصوتك الخاص، وتضع روحك على الورق.
10- حينما تكتب لنفسك فأنت لا تحتاج إلى مكانك الخاص أو ورقك أو قلمك الخاص، بل سوف تكتب في أي مكان وعلى أي ورق وبأي قلم، ولا تخشى من الملهيات أو المشتتات فقلبك سوف يغلق كل المنافذ التي حولك ويمكن أن تلهيك عن الكتابة، فمصدر الكتابة للنفس داخلي دائماً.
11- حينما تكتب لنفسك فأنت تكتب على طبيعتك، وهذا النوع من الكتابة يساعد على كشف الذات وسبر أغوار النفس والغَرْف من مكنونها.
12- حينما تكتب لنفسك فسوف تكون شجاعاً أكثر وصادقاً أكثر وجريئاً أكثر، وسوف تأخذك جرأتك إلى مساحات لم يطرقها تفكيرك من قبل، وتكتشف أشياء في نفسك وفي الآخرين لم تخطر في بالك من قبل.
13- حينما تكتب لنفسك لا يحكمك عقلك الواعي بل عقك الباطن، وتبدأ باستخراج كل الدرر الراسية في قاعه، وسوف تفاجأ من الأشياء التي استخرجتها من باطنك ما كنت تدري عنها، وسوف تدهش من قوة خيالك وما كنت تعرف أنك تملكه، وسوف تُعْجب بنفسك كيف استطعت أن تصوغ كتابتك بلغة ما كنت تدري أنك تملك زمامها.
14- حينما تكتب لنفسك فأنت لست مطالباً بجدول زمني للإنتاج، وهذا يعطيك راحة في أن تتركها حتى تنضج فتعود إليها وتعالج ما تراه فيها من خلل.
15- حينما تكتب لنفسك فأنت تبوح وتستذكر وتسترخي، وحينما تكتب للغير فأنت تقرر وتبحث وتؤدي واجباً.
16- الكتابة للنفس علاج.