د.عبدالعزيز الجار الله
اللقاء التشاوري (18) لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والقمة الخليجية مع دول آسيا الوسطى، الذي ينعقد اليوم الأربعاء في محافظة جدة 19 من يوليو 2023م، يعد توسع حضاري وجغرافي جديد، ما بين دول جنوب غرب آسيا العربية، ودول آسيا الوسطى التي تربطها بدول السعودية والخليج العربي، روابط تاريخية طويلة، من أهمها روابط التاريخ المشترك أوائل القرن السابع الميلادي/ القرن الأول الهجري، عندما اتجهت الدعوة الإسلامية إلى شرق الخليج والجزيرة العربية، وعبور جبال إيران وهضبة فارس إلى ما يعرف تاريخياً ببلاد ما وراء النهر، نهر جيحون، ويُقصد بالنهر جيحون (سيحون)، وهو الاسم القديم لجزء من آسيا الوسطى، تشمل أراضيها جمهورية أوزبكستان وطاجيكستان والجزء الجنوب الغربي من كازاخستان، والتي تمثل الآن دول آسيا الوسطى: أوزبكستان، وتركمانستان، وكازاخستان، وطاجكستان، وقيرغيزستان، بتعداد سكاني يفوق (70) مليون نسمة، وإذا أضيفت دول مجاورة لها وتلتقي معها ثقافياً، قد يتجاوز السكان (100) مليون نسمة، مع تنوع بالاقتصاد والاستثمار.
وآسيا الوسطى جغرافياً تمتد:
– من بحر قزوين في الغرب، إلى الصين ومنغوليا في الشرق.
– و من أفغانستان وإيران في الجنوب، إلى روسيا في الشمال. وهنا تأتي أهمية التواصل بين دول الخليج العربي، ودول آسيا الوسطى لمشتركات واحدة دينية، وتاريخية، وصلات حضارية، أطلق عليها بالتاريخ الإسلامي، دول شرقي العالم الإسلامي، فهي تعد الثقل الإسلامي في شرق آسيا، وجنوب شرق آسيا.
هذه المعطيات هي جانب من المؤشرات الاقتصادية التي كانت تربط ما بين آسيا الوسطى إجمالاً شرقي العالم الإسلامي، وبين البحر الأحمر دول الخليج والسعودية، بما فيها المدينتان المقدستان مكة المكرمة والمدينة المنورة، خلال فترات تاريخية طويلة.
اليوم يمكن إعادة هذا الخط التجاري، وتبادل المصالح بين البحر الأحمر وآسيا الوسطى، من خلال المسار الجنوبي الغربي، عبر باكستان، ثم الممرات المائية: المحيط الهندي، وبحر عمان، وبحر العرب، ثم إلى الخليج العربي أو البحر الأحمر، وهو طريق التجارة الدولية الحالية. فقد كان المسار السابق في حضارات العالم القديم صلات آسيا الوسطى بالخليج، تسلك قوافل التجارة طريق الشمال الغربي إيران والعراق، ثم تتجه إلى الجنوب الغربي إلى مكة المكرمة والبحر الأحمر. في الوقت الحاضر أصبحت الناقلات هي السفن العملاقة، والسكة الحديد، والطائرات، وفي طريق مختصر من جنوب دول آسيا الوسطى، أقصر وأقل مخاطر، والربط الاقتصادي والشعوبي بين المنطقتين له إرث طويل، جاءت منه تلاقح وتداخل الثقافات في ظروف جغرافية قد تكون متشابهة، واندماج اجتماعي ما بين هذا الجزء من العالم الذي كان يشكل مع المنطقة العربية كتلة إسلامية وآسيوية متشابكة، صنعت هذه الشعوب وسط وغرب آسيا حضارة عريقة ولها شواهد عمرانية ما زالت شاخصة وباقية، مثل عمارة المساجد، والحصون، والقلاع، والقصور لها طابعها وطرازها.