إقتصاد

"بيتزا بلا الطماطم".. بريطانيا تكتوي بنيران 3 أزمات!

خاص

السلع الأساسية في بريطانيا تكتوي بنيران التضخم

السلع الأساسية في بريطانيا تكتوي بنيران التضخم

“بيتزا خالية من الطماطم في قوائم الطعام بسبب ارتفاع أسعارها”.. كان هذا عنوان تقرير صحافي، ليس بصحيفة صادرة في إحدى الدول الفقيرة، وإنما صحيفة الغارديان” البريطانية، التي سلطت الضوء في تقرير لها على ما بلغته الأوضاع المعيشية بالبلاد، إذ ترتفع أسعار الطماطم والخضروات للدرجة التي تجعل الطهاة يقدمون البيتزا دونها.

تأتي أزمة الطماطم كأحد الأوجه المعبرة عن الأوضاع المعيشية الصعبة نسبياً التي تعاني منها بريطانيا، حتى أن الصحيفة دعت إلى الاستعداد لقوائم طعام في المحال الإيطالية بالمملكة المتحدة ذات معكرونة بصلصة أقل والبيتزا البيضاء بدون الطماطم، ذلك أن هذه المحال إما يتعين عليها رفع الأسعار أو الاستغناء عن الطماطم.

أزمة ارتفاع أسعار الطماطم تحدث عنها بشكل واضح اتحاد الطهاة الإيطاليين في بريطانيا، والذي سلط الضوء على الارتفاعات المتتالية في أسعارها على النحو التالي:

  • سعر الطماطم ارتفع 4 مرات من العام الماضي، من 5 جنيهات إسترليني إلى 20 جنيهاً.
  • الطماطم المعلبة ارتفع سعرها من 15 جنيهاً إسترلينيا إلى 30 جنيهاً مقارنة بالعام الماضي.
  • ارتفعت أسعار الخس من 7 جنيهات إسترليني إلى 22 جنيهاً للصندوق.

عواصف اقتصادية!

في هذا السياق، يقول عضو حزب العمال البريطاني، مصطفى رجب، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن بريطانيا مرت بثلاث عواصف اقتصادية؛ أولهم كانت أزمة الخروج من الاتحاد الأوروبي “بريكست”، ثم جائحة “كوفيد – 19″، وتلتهما تداعيات الحرب في أوكرانيا، مردفاً: “البريطانيون يعانون آثار الثلاث عواصف معاً، ليصل الحال إلى أن هناك صعوبة في الحصول على بعض السلع الرئيسية مثل الطماطم والخيار”.

ويوضح أنه في الميزانية التمهيدية الأخيرة وعدت الحكومة أن يكون هناك استقرار خلال شهرين، لكن هذا لم يتحقق وأصبح الأمر مجرد وعود، وارتفعت معدلات التضخم، كما تم رفع سعر الفائدة إلى 4 بالمئة، ما سبب اضطرابات شديدة جداً وقلقاً كبيراً في جميع القطاعات، الأمر الذي دفع إلى تجدد الإضرابات؛ لأن المرتبات أصبحت لا تكفي الأسر.

توقعات بارتفاع تكلفة المعيشة 7 بالمئة

ويشير في الوقت نفسه إلى أن ثمة توقعات تشير إلى ارتفاع تكلفة المعيشة بنسبة 7 بالمئة خلال العامين المقبلين، في وقت تواجه فيه الحكومة تحديات كبيرة للغاية، مستطرداً: “عندما تسير في شوارع لندن تجد كثيراً من المحال أغقلت أبوابها نتيجة الإفلاس، وهذا دليل على الحالة الاقتصادية”.

ويضيف: “المواطنون يعانون بشدة، لدرجة أن بعضهم اضطر إلى عدم استخدام سيارته نتيجة ارتفاع تكلفة البنزين، علاوة على الاقتصاد في شراء الطعام واستخدام التدفئة”.

ومن ثم يعتقد بأن “الوضع سيزداد سوءاً”؛ وذلك في ظل الضبابية المتعلقة بمستقبل الحرب في أوكرانيا، معتبراً أن القلق “مزدوج”؛ فهناك قلق من المعلوم (أي ما يجري في أوكرانيا حالياً)، ومن المجهول أي ما قد يحدث مستقبلاً في هذه الحرب وتداعياتها الاقتصادية على أوروبا.

أزمة الإيجارات تضيق الخناق على البريطانيين

تضاف أزمة ارتفاع تكلفة المواد الأساسية إلى عديد من الأزمات الأخرى المرتبطة بالوضع الاقتصادي العام، والتي تؤثر على حياة الناس بشكل مباشر، من بينها أزمة “متأخرات الإيجارات” بقيمة تصل إلى 360 مليون جنيه استرليني طبقاً لتقديرات نائبة المدير التنفيذي في منظمة “ذا كونكشين” المعنية بشؤون المشردين روزي بلاك سميث.

وحول هذا الأمر يقول رجب إن كثيراً من المواطنين البريطانيين لديهم إيجارات متأخرة، والحكومة لا تتدخل وإنما تطلب تخفيض الإيجارات مراعاة لظروف المعيشة، وتطلب كذلك عدم صدور أي قرارات بإخراج أي مواطن من منزله لتأخر الإيجار، وأن تكون هناك تسهيلات كالتقسيط والدفع على مراحل.

الدولة الوحيدة الصناعية الكبرى التي ستشهد انكماشا اقتصاديا

صندوق النقد الدولي كان قد أكد أن بريطانيا ستكون الدولة الوحيدة من بين مجموعة السبع التي سيشهد اقتصادها انكماشاً هذا العام، مؤكداً أن أسعار الفائدة والضرائب المرتفعة تجعل التوقعات بالنسبة للمملكة المتحدة “أكثر كآبة”:

  • يُتوقع انكماش اقتصاد بريطانيا بنسبة 0.6 بالمئة خلال العام 2023.
  • هذا التوقع أسوأ بمقدار 0.9 نقطة مئوية مما كان يتوقع في وقت سابق أن يكون عليه الوضع.
  • بريطانيا تراجعت من أعلى إلى أسفل الجدول في ترتيب مجموعة السبع.

أمام هذه الأوضاع أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي متنفساً لكثير من المواطنينن الذين سخروا وتندورا على الحالة الراهنة، وفق صحيفة “إندبندنت” البريطانية، تعليقاً على غياب الخضروات والفاكهة من الأرفف في المحال على مدار أسبوع كامل.

كما أن الأمر لن يقتصر على ارتفاع أسعار الطماطم، بل ربما يتوقف البريطانيون على سبيل المثال عن زراعة التفاح خلال العامين المقبلين، بحسب أحد مزراعي جميعة التفاح والكمثرى في بريطانيا.

نقص الطماطم يصبح حديث البريطانيين عبر المواقع

 اضطرابات داخل الأسر

ويؤكد عضو حزب العمال البريطاني، أن هذه الأوضاع الاقتصادية أثرت على الحياة الاجتماعية بالنسبة للأسر البريطانية، نتيجة ارتفاع تكلفة المعيشة، كما أثرت على بعض العادات الخاصة بالتواصل بين المواطنين اجتماعياً.

ويلفت في معرض حديثه مع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إلى أن بعض المحال أصدرت قواعد تنظيمية تتعلق بما يمكن للفرد الواحد الحصول عليه من محال الخضروات والفاكهة خلال الشراء في المرة الواحدة، موضحاً أن سلاسل المتاجر الكبيرة أعلنت هذا الأمر بالفعل “والمشكلة أن أغلب الأرفف فارغة وبالتالي، يمكن من الأساس ألا يجد المواطن هذه السلع التي يريد الحصول عليها”.

  • انخفض معدل التضخم في بريطانيا إلى أدنى مستوى له في ثلاثة أشهر عند 10.5 بالمئة في ديسمبر الماضي.
  • لكن أسعار المواد الغذائية والمشروبات استمرت في الارتفاع بأسرع وتيرة لها منذ العام 1977.
  • ظل معدل تضخم أسعار المستهلكين الأساسي، الذي يستثني أسعار الطاقة والغذاء والكحول والتبغ، ثابتا عند 6.3 بالمئة في ديسمبر الماضي.
  • ينظر اقتصاديون إلى معدل تضخم أسعار المستهلكين الأساسي بوصفه دليلا أفضل لاتجاهات التضخم الأساسية.

حقيقة أم “تهويل”؟!

وبينما تعد الطماطم من أكثر السلع التي عبرت عن الارتفاع الكبير بالأسعار، تلقي الحكومة البريطانية باللوم على سوء الأحوال الجوية في جنوب أوروبا وشمال أفريقيا، والذي تسبب في نقص كميات الطماطم ومن ثم ارتفاع أسعارها، إلى جانب أن أسعار الكهرباء المرتفعة أثرت على الطماطم المزوعة في الصوب ببعض البلدان الأوروبية التي تعتمد عليها بريطانيا مثل هولندا.

وبالرغم من تقديرات صندوق النقد الدولي المتشائمة لآفاق الاقتصاد البريطاني على المدى القريب، يرى المحلل الاقتصادي في لندن أحمد ياسين، أن هناك كثيراً من ما وصفه بـ “التهويل الإعلامي” بخصوص الأزمة الاقتصادية التي تمر بها بريطانيا، مضيفاً في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن المواد الغذائية الرئيسية ارتفعت قيمتها كثيراً، وهذا مرتبط بارتفاع مستوى التضخم، وهذا الارتفاع يشكل الآن ظاهرة عالمية يواجهها الاقتصاد العالمي ككل وليست بريطانيا وحدها، بسبب أسعار الطاقة.

ويضيف المحلل الاقتصادي: ارتفاع أسعار الطاقة مرتبطة بشكل أساسي بالموجات المتتالية من العقوبات الاقتصادية التي تم فرضها على موسكو، وروسيا دولة أساسية للتوازن في قطاع الطاقة العالمي.

إلا أن رئيس اتحاد الطهاة الإيطاليين في المملكة المتحدة، إنزو أوليفيري، بدوره كان قد أكد لصحيفة الغارديان المعاناة المعيشية، فيقول إنه لا يرى ضوءاً في نهاية النفق جراء ارتفاع الأسعار، خصوصاً الخضروات، محذراً من أنه نتيجة ارتفاع التكلفة فإن كثيراً من الشركات ربما تجد نفسها مضطرة للتوقف عن العمل والإغلاق.

وطبقاً لأوليفييري، فإن بعض المطاعم تحاول التكيف مع هذا الواقع من خلال تقديم قوائم طعام لا تتضمن الطماطم، أو بمعنى أدق تقديم بيتزا ومعكرونة بيضاء، في ظل ارتفاع الأسعار وفي نفس الوقت نقص المعروض.

صفحة جديدة بين بريطانيا وأوروبا هل تنهي معاناة الاقتصاد؟

 

أزمة أوكرانيا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى