العالم

بعد ربع قرن على رحيله.. أزمة في مصر بسبب الشعراوي

أثار الإعلان عن تقديم عمل مسرحي عن الشيخ محمد متولي الشعراوي أحد أشهر الدعاة الإسلاميين في مصر عبر عقود، أزمة أدت إلى جدل كبير بين أوساط المثقفين ورجال الدين في مصر وتسببت في نقد عنيف لوزارة الثقافة التي أعلنت عبر أحد قطاعاتها عن تقديم العمل بسبب الجدل حول آراء الشيخ الشهير ومواقفه من بعض القضايا خاصة فيما يتعلق بالفنون والمرأة.

وقال الناقد الفني طارق الشناوي لموقع “الحرة” إن قرار تقديم عمل مسرحي عن الشعراوي هو قرار خاطئ بالأساس، لأن الشعراوي له مواقف متشددة فيما يتعلق بالمرأة والفنون وختان الإناث مثلا، وتقديم عمل فني عنه في المسرح القومي التابع لوزارة الثقافة والدولة لن يقدم السيرة الخاصة بالشعراوي بما له وما عليه وسيقدمه في صورة إيجابية فقط بسبب شعبيته وجماهيريته وبالتالي فالقرار ابتداء باختيار شخصية الشعراوي لتقديمها عبر خشبة المسرح القومي خاطئ.”

“الشناوي” ناله هجوم كبير سواء من أسرة الشعراوي أو محبيه أو من شيوخ الأزهر الذين علقوا على الأزمة بسبب إعلانه عن رأيه في تقديم العمل المسرحي وأعلنت أسرة الشيخ عن اتخاذ إجراءات قانونية ضده ومقاضاته، وعلق “الشناوي” على ذلك بأنه “سيتعامل مع مستجدات الموقف عبر محاميه لأنه لم يخطئ في إعلان رأيه في الأزمة”.

اعتذار الممثل المرشح لتقديم شخصية الشعراوي

العمل الفني الذي أعلن عن تقديمه عن الشعراوي هو أمسية تقدم ضمن برنامج مسرحي في رمضان يحمل اسم “السيرة” وفيه تقدم كل ليلة خلال شهر رمضان أمسية على خشبة المسرح عن إحدى الشخصيات الشهيرة في التاريخ المصري مثل نجيب محفوظ وأحمد زويل ومحمد عبده وغيرهم ومن ضمنهم الشعروي.

ووفقا لما أعلنته وزارة الثقافة ممثلة في رئيس البيت الفني للمسرح فإن الممثل الذي رشح لتقديم الدور هو كمال أبو رية وهو فنان شهير في مصر قدم أعمالا عديدة سواء في االسينما أو الدراما التليفزيونية على مدار السنوات الماضية.

وقال كمال أبو رية لموقع “الحرة”: “اعتذرت عن تقديم العمل منذ فترة طويلة وقبل الإعلان عنه وحدوث الأزمة بسبب انشغالي في تصوير أعمال فنية أخرى، لأن المسرح يتطلب وقتا طويلا في التحضير وقراءة الشخصية، وليس بسبب رفضي لتقديم شخصية الشعراوي كما ذكر خلال الأزمة التي تسببت في هجوم كبير علي.”

وأوضح أنه “إذا كان لديه الوقت لتقديم العمل ووجده مكتوب بشكل جيد دراميا يتضمن إظهار كافة جوانب الشخصية فلا مشكلة لديه في تقديم العمل لأني أتعامل معه كشخصية درامية”.

وبرر أبو رية الهجوم الذي تعرض له بسبب الأزمة بأن “البعض فهم أني اعتذرت عن تقديم العمل بسبب رفضي لتقديم الشخصية ونسب لي كلاما لم أقله عن تفضيلي تقديم شخصيات أخرى على تقديم الشعراوي وهو غير صحيح لأني اعتذرت بسبب ضيق الوقت وانشغالي بأعمال فنية أخرى”.

الأزهر يدخل المواجهة

ودخل الأزهر في مواجهة مع مهاجمي الشيخ الشعراوي ورافضي تقديم الأمسية عنه بسبب آرائه ومواقفه ونشر مركز الأزهر للفتوى عبر صفحته الرسمية بموقع فيس بوك منشورا مدافعا عن الشعراوي ذكر فيه أن، “العُلماء ورثة الأنبياء، وانتقاصهم تشويه لمعنى القُدوة الصّالحة وأن انتقاص علماء الدين ورواد الفكر ومشكِّلي ضمائر الشُّعوب ووجدانها لا يتوقف خطره عند تشويه معنى القدوة الصالحة وتهوين مكانة العلم في نفوس الناس، بل يمتد خطره إلى تبديد عقود من عمر الأمة وهُويتها؛ علمًا، وفكرًا، وثقافةً، وحضارةً، ويُخلي الساحة لتصدر نماذج رديئة لا تجني الأمة من ورائها إلا المزيد من الضّعف والتّمييع والانسلاخ من مقومات عِزها وكرامتها، وتلك جريمة في حقّ الفكر والإبداع والوعي الوسطي المستنير، لا يرضاها غيور على وطنه وأمته”.

ويحظى الشعراوي الذى توفى قبل 25 عاما بشعبية كبيرة في مصر، وكان برنامجه الأسبوعي الذي يقدمه عبر التليفزيون الرسمي للدولة يحظى بمشاهدة كبيرة وله آراء يعتبرها كثيرون متشددة خاصة فيما يتعلق بالمرأة والفنون والعلم، وقدمت سيرة حياته في عمل فني قبل سنوات تحت اسم “إمام الدعاة” وانقسمت الآراء حوله بين مؤيد ومعارض بسبب إظهار الشخصية دون أي سلبيات أضفى عليها بعض القداسة.

وأعلنت وزيرة الثقافة المصرية أن الأمسية التي كان مقررا تقديمها عن الشعراوي على خشبة المسرح القومي كانت مجرد مقترح من بين أسماء أخرى كثيرة مقترحة، وهناك لجنة متخصصة كانت تعطي الموافقات النهائية على الأسماء المقترحة ولم يتم الموافقة على تقديم أمسية الشعراوي.

كما أعلنت أسرة الشعراوي عن اتخاذ إجراءات قانونية ضد من هاجموا الشيخ خاصة الناقد الفني طارق الشناوي الذي هاجم فكرة تقديم عمل فني عن الشعراوي.

ولد الشيخ محمد متولي الشعراوي في 15 أبريل عام 1911، بقرية دقادوس، مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية، وحصل على الشهادة الابتدائية الأزهرية عام 1923، وتخصص في دراسة اللغة العربية وكان يقدم خواطر أسبوعية حول القرآن الكريم والتفسير عبر التليفزيون والإذاعة المصرية لسنوات طويلة.

وتولى عدة مناصب منها مدير إدارة مكتب شيخ الأزهر عام 1964، ورئيس بعثة الأزهر في الجزائر عام 1966، ووزير الأوقاف وشؤون الأزهر في مصر عام 1976، كما شغل عضوية مجمع البحوث الإسلامية عام 1980، ومجمع اللغة العربية، ومجلس الشورى، وله العديد من المؤلفات الدينية منها معجزة القرآن، وأنت تسأل والإسلام يجيب، والإسلام، وأسئلة حرجة وأجوبة صريحة وتوفي عن عمر يناهز السابعة والثمانين، في 17 يونيو 1998.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى