بالتفاصيل.. سر الهبوط الكبير للجنيه المصري أمام الدولار
اتفق خبراء تحدثوا لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” على أن التراجع الكبير الذي شهده الجنيه المصري أمام الدولار، سببه تحرير سعر الصرف، تنفيذا لتوصيات صندوق النقد، وأن التراجع في سعر الدولار بنهاية اليوم ربما جاء بتدخل من السلطات النقدية لتهدئة التقلبات الكبيرة في تحركات سعر الصرف.
وسجل الدولار لأول مرة منتصف تعاملات اليوم الأربعاء سعرا تاريخيا حيث وصل إلى 32.5 جنيه، ولكنه تراجع في ختام اليوم إلى حوالي 29.74 جنيه، بعد أن كان يبلغ حوالي 27.60 عند بدء التداول اليوم.
ضربة للسوق السوداء
أستاذ الاقتصاد بجامعة حلوان، عمرو سليمان، قال لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إن البنك المركزي المصري يقوم حاليا بعملية تحرير لقيمة الجنيه وليس تخفيضا له، وهذا ما تم الاتفاق عليه مع صندوق النقد الدولي، وكذلك أوصى به المؤتمر الاقتصادي الأخير لمصر.
وتابع أن ما حدث خلال الأسبوع الماضي من تغيير في سعر الصرف والأرقام التي تراوحت ما بين 27 و27.5 جنيه للدولار لم تكن تعكس حقيقة العرض والطلب، وبشكل واضح لا زال سعر الدولار في السوق الموازية أعلى من سعر الصرف الرسمي، وبالتالي فالشرط الضروري – رغم عدم كفايته- لتحقيق الإصلاح الاقتصادي أن يتم تحرير سعر الصرف وليس تخفيض قيمة العملة، ومن ثم هذا ما جعل سعر الجنيه أمام الدولار يوم الأربعاء يتحرك ويتذبذب بشكل كبير وسيظل الوضع هكذا إلى أن تختفي السوق السوداء وتتم تلبية الاحتياجات الدولارية من خلال النظام المصرفي.
وشدد على أن التذبذب الذي حدث اليوم الأربعاء والقيمة التي بلغها الدولار “منطقية جدا”، وستكون هناك تذبذبات أقل حدة الفترة المقبلة، والتراجع الطفيف الذي حدث لسعر الدولار أمام الجنيه بنهاية اليوم سببه ليس مرتبطا بالعرض والطلب في السوق، ولكنه تراجعا إداريا ربما تم بتدخل مباشر أو غير مباشر من السلطات النقدية، بضخ مبالغ دولارية في البنوك، لتوجيه ضربة لتجار السوق السوداء الذين يراهنون ويضاربون على أرقام مبالغ فيها، من خلال محاولتهم خلق طلب مبالغ فيه لتخويف السلطات النقدية.
واستطرد أنه برغم حدة التراجع التي حدثت للجنيه خلال الساعات الماضية فإن العلاج الذي لا بديل عنه للأزمة الاقتصادية هو التحرير الكامل لسعر الصرف، لأن تثبيت سعر الصرف في البنوك معناه استمرار السوق السوداء بأسعار أعلى للدولار، ومن ثم فلا بديل عن التحرير ومواجهة التذبذبات العنيفة بجرأة والتدخل وقت اللزوم فقط من خلال زيادة التدفقات الدولارية، وبمجرد استقرار الجنيه المصري عند سعر عادل أمام الدولار فمن المتوقع أن نشهد طروحات حكومية كبيرة لشركات في البورصة وتخارج حكومي من بعض المؤسسات الاستثمارية، كذلك تدفقات استثمارية كبيرة وتحويلات دولارية ضخمة من العاملين بالخارج.
تأخر التحرير سبب الهبوط الكبير
فيما قال الأكاديمي الاقتصادي، كريم العمدة، في تصريحات لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إن ما حدث من هبوط كبير لسعر الجنيه أمام الدولار مرتبط بتنفيذ توصيات صندوق النقد الدولي لإتمام حصول مصر على القرض المتفق عليه، من أجل حصول مصر على شهادة للتعامل مع سوق التمويل الدولي ومؤسسات التمويل الدولية الأخرى.
وأشار إلى أن ما حدث هو تحرير لسعر الصرف وهذا القرار جاء متأخرا وكان من المفترض اتخاذه من شهر مارس الماضي، والتأخر في اتخاذ هذا القرار هو ما يفاقم الأزمات حاليا وهو ما يجعل التذبذب في سعر الجنيه أم الدولار عنيفا للغاية، وثبت أن التخفيض التدريجي غير كاف ووصلنا في النهاية إلى نفس القرار المطلوب وهو ضرورة التحرير الكامل.
وتابع أن وصول سعر الدولار الأربعاء إلى 32.5 جنيه ثم تراجعه إلى 29.74 جنيه واستقراره بنهاية اليوم عند هذا السعر، هو أمر طبيعي ومعروف ويحدث مع تحرير سعر الصرف، حيث يصل السعر إلى قمة معينة ثم يتراجع إلى سعر وسط وقد يعاود الارتفاع مرة أخرى حسب العرض والطلب.
وأوضح أن التراجع في سعر الصرف ربما حدث نتيجة تدخل البنك المركزي عبر البنوك الوطنية بضخ تدفقات دولارية، وأن هذا التذبذب سيستمر لبضعة أشهر وسيستمر تدخل البنك المركزي بزيادة المعروض من الدولار حتى يصل الجنيه إلى السعر العادل أمام الدولار.
أما الخبير الاقتصادي، عبد الفتاح مزروع، فقال لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إن ما حدث يؤشر إلى أن الدولة المصرية تمهد للقيام بطرح بعض الأصول للاستثمار، وفق ما أشار له صندوق النقد حسب الخطة المتفق عليها لسداد الديون المصرية.
وأوضح أن السعر الذي وصل له الدولار حتى الآن لا يزال ليس نهائيا ومتوقع أن يرتفع بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة، خاصة وأن البنوك غير قادرة حتى الآن على توفير كل المطلوب من الدولار في السوق.