م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
-1 حينما تحضر النهاية، تكون المقاومة زيادة ألم فقط.. فمقاومة انتهاء العلاقة هي نوع من التعلق في جزء منها، أو نوع من الغرور النفسي «أنا لست ممن تنتهي علاقاتهم»، أو نوع من الكرامة، «انتهاء علاقتي الزوجية أو العملية أو غيرها يعني عجزي أو فشلي الذي يهز كرامتي!».
-2 النهاية في حقيقتها هي بداية لشيء آخر، قد يكون سعيداً وقد يكون غير ذلك.. وحتماً سوف يؤدي إلى سلوكيات مختلفة، أو يقود إلى اتجاهات مختلفة، أو يفتح آفاقاً مختلفة.. فنهاية الشيء مهما يكن ذلك الشيء لا يعني نهاية الحياة بل يعني انتهاء ذلك الشيء وبداية شيء آخر.
-3 النهاية لها معانٍ مختلفة باختلاف الأشخاص وظروفهم، فمنهم من سوف يراها تحدياً لقدراتهم، ومنهم من سيراها تهديداً لأسلوب معيشتهم، وآخرون سيرونها حدثاً عادياً ضمن مجريات الحياة التي تسير ولا تتوقف.
-4 الأشخاص الأقل ثقة بأنفسهم سيتعاملون مع نهاية العلاقات بشكل مختلف عن الأشخاص الأكثر ثقة بأنفسهم.. أيضاً يختلف الشخص ذو السمات القيادية في التعامل مع نهاية أية علاقة عن تعامل الأشخاص ذوي السمات غير القيادية.. فالقائد بطبعه هو الذي يريد أن ينهي العلاقة، لكن إذا انتهت على يد الآخر فلا بأس فهو سوف يبدأ علاقة جديدة فوراً، وهكذا.
-5 في لحظة القبول بانقطاع العلاقة يصبح الجميع أحراراً منطلقين نحو خيارات أخرى، حتى لو أصيب أحدهم بحزن لانتهاء تلك العلاقة، أو أحس وقتها بالضياع وافتقاده لشيء اعتاد عليه، لكنه في الحقيقة بانتهاء تلك العلاقة فتح آفاقاً جديدة له.
-6 نهاية العلاقة هي قطع الاتصال، وبتر لعلاقة قوية، وانفصال عن محيط.. فالنهاية هي الخاتمة ولحظة التوقف، فقد تعني الموت أو البدء في حياة جديدة، وقد تعني انتهاء مرحلة والبدء في مرحلة أخرى، قد تعني تَنَفُّس الصُّعَداء أو انكسار القلب والحسرة والحزن والأسى.. نهاية العلاقة قد تعني الشعور بالإرهاق، وطلب النفس للراحة والاستكانة والهدوء، والتفكير الصادق في المستقبل والمرحلة الجديدة.
-7 أخطر ما في العلاقة – أية علاقة سواء زوجية، أو أبوة، أو صداقة، أو حب، أو حتى علاقة عمل – أن تتحول العلاقة إلى تعلق.. هنا تتحول من علاقة صحية فيها الود والثقة والألفة إلى علاقة فيها الخوف والتوجس وعدم الثقة.. أما الأكثر إيلاماً في تحول العلاقة إلى تعلق فهو أن التعلق يأتي دائماً من طرف واحد، ويضايق إلى درجة خنق الطرف الآخر، فنجد الأول في حالة ملاحقة دائمة والثاني في حالة هروب دائم.
-8 لنهاية العلاقة مؤشرات حتمية لا يغفل عنها إلا من لا يريد قطع العلاقة، منها: انقطاع صلة الود والعاطفة، وانقطاع الاتصال.. وحين يلتقي الطرفان يشيع التوتر وإلقاء اللوم، وخلق المبررات الكاذبة، والبحث عن أي سبب للهروب والابتعاد، وعدم التلامس الجسدي، أو تبادل كلمات الود، أو الجلوس بمحاذاة بعض، ولا يتحدثان في مواضيع مشتركة، وتُفقد الثقة بين الطرفين، ولا يعود هناك خطط مستقبلية مشتركة، وكلا الطرفين يريد الابتعاد لكن لا يدري كيف.
-9 إذاً كيف يمكن أن نجعل من النهاية نهاية مخملية مريحة للطرفين؟ لا شك أن الخطوة الأهم هي الابتعاد عن دائرة الاتصال والاحتكاك، «فالبعيد عن العين بعيد عن القلب» كما يقولون.. وعلينا أن نتذكر أن النهايات دائماً محزنة مهما كانت مريحة، وتؤدي غالباً إلى بدايات أكثر إشراقاً، لذلك علينا أن نتحمل تلك الحالة الابتدائية الحزينة ونستعد لها، مع ملاحظة أن الحزن كما المصيبة؛ يبدأ كبيراً ثم يضمحل حتى ينتهي ويصبح ذكرى منسية.