المغرب.. المصادقة على قانون “العقوبات البديلة”
والخميس صادق مجلس الحكومة على مشروع القانون رقم 43.22 الذي يتعلق بالعقوبات البديلة في صيغته الجديدة، وقدمه وزير العدل عبد اللطيف وهبي.
وأوضح الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس خلال مؤتمر صحفي عقب اجتماع المجلس، أن مشروع القانون “يأتي لمواكبة التطورات التي يشهدها العالم في مجال الحريات والحقوق العامة من خلال إيجاد بدائل للعقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة والحد من آثارها السلبية، وفتح المجال للمستفيدين منها للتأهيل والاندماج داخل المجتمع، بهدف المساهمة في الحد من مشكل الاكتظاظ داخل المؤسسات السجينة وترشيد التكاليف”.
وأشار المسؤول الحكومي إلى أن مشروع هذا القانون ميز بين 3 أنواع من العقوبات البديلة، هي “العمل للمنفعة العامة، والمراقبة الإلكترونية، وتقييد بعض الحقوق وفرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية”.
مكامن الخلل
في قراءته لهذا المشروع، اعتبر الباحث في القانون العام والعلوم السياسية عبد الحي الغربة، أن “العقوبات البديلة تعتبر إحدى المداخل الأساسية لمواجهة الاكتظاظ داخل السجون المغربية، وليست الحل الوحيد والأنجع”.
وأشار في حديث مع موقع “سكاي نيوز عربية”، إلى “ضرورة وضع مجموعة من الإجراءات والتدابير بموازاة العقوبات البديلة، إلى جانب البحث عن مكامن الخلل في بعض الإجراءات الجنائية، وتسليط الضوء على مسببات حالات العودة لارتكاب المخالفات”.
وبخصوص التراجع عن تعويض العقوبات السجنية بأداء غرامات مالية، لفت الغربة إلى أنه “من الصعب الإقرار بأن العقوبات المالية ستكون حلا لأزمة الاكتظاظ، لأن هذه المسألة لها أبعاد متعددة”.
وذكر أن أزمة الاكتظاظ “ترتبط بالسياسة الجنائية ونجاحها، وبالتشريع الجنائي وسؤال النخبة البرلمانية. أما الحديث عن الغرامات المالية كعقوبة بديلة من شأنها الحد من الاكتظاظ، فهذا أمر غير وارد لأنه سيجعل السجن حكرا على الفقراء”.
يذكر أن النسخة الأولى من مشروع قانون العقوبات البديلة الذي اقترحه وهبي رافقه جدل كبير، قبل أن تجمده الحكومة ويعين رئيسها عزيز أخنوش لجنة تقنية وزارية لتدقيقه، وهو ما ترتب عنه التراجع عن الغرامات المالية كبديل للعقوبات السجنية.
دعوات للتجديد
وفي خضم النقاش حول اكتظاظ السجون في المملكة، أفاد تقرير صادر عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن “المغرب يعتبر من البلدان التي تعاني اكتظاظ السجون، ومن نتائجه التكلفة المرتفعة للاعتقال”.
وعزا المصدر ذاته هذه الأزمة إلى مجموعة من الأسباب، من بينها “اللجوء المكثف للاعتقال الاحتياطي (نحو 40 بالمئة من العدد الإجمالي للسجناء)، وبطء المحاكمات، والتطبيق شبه المنعدم للمقتضيات القانونية المتعلقة بالإفراج المقيد بشروط، والإعمال المحدود لإجراءات الصلح، وعدم تطبيق التدبير المتعلق بالأشخاص المصابين بأمراض عقلية”.
ومن بين توصيات المجلس “ضرورة صياغة استراتيجية شمولية ومنسجمة لإدراج العقوبات البديلة واتخاذ تدابير للسياسات العمومية، لتوسيع عرض مراكز التكفل وإعادة تأهيل المجموعات الأكثر هشاشة، التي قد تخضع للعقوبات البديلة”، كما أوصى في نفس الإطار بـ”إعداد مخطط لدعم قدرات مهنيي العدالة، في مجال تحديد العقوبات البديلة وتنفيذها”.
وحسب مشروع القانون الجديد الذي صادقت عليه الحكومة، فإن العقوبات البديلة لن تطبق إلا على الجنح التي لا تتجاوز عقوبتها 5 سنوات، وهو ما يعني أن القضايا المتعلقة بالإرهاب والاتجار في المخدرات والبشر والاغتصاب وأمن الدولة والاختلاس والغدر والرشوة واستغلال النفوذ وتبديد الأموال العمومية وغسيل الأموال والاستغلال الجنسي للقاصرين أو الأشخاص في وضعية إعاقة، لا يمكن أن تكون موضوع تدابير العقوبات البديلة.
كما أن المقتضيات الجديدة، تعد حسب المُلمين بالقانون، فرصة لتمكين القاضي في إطار سلطته التقديرية، من تفعيل عقوبات كالمنفعة العامة، والمراقبة الإلكترونية، وتقييد بعض الحقوق وفرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية، وهو ما سيساهم بشكل كبير في تخفيف الضغط على المؤسسات العقابية.