السودان.. مرضى يائسون وأطباء يستغيثون من نقص أدوية السرطان
وحذر أطباء وعاملون في مستشفيات ومنظمات تنشط في مجال تقديم الرعاية الصحية والنفسية للأطفال المصابين بالأورام، من أوضاع مأساوية يواجهها المرضى، بسبب النقص الحاد في الأدوية والجرعات المنقذة للحياة.
أبعاد الأزمة
• تزايدت خلال الفترة الأخيرة حالات الإصابة بالسرطان بين أطفال السودان بشكل مخيف، فوفقا لبيانات حصل عليها موقع “سكاي نيوز عربية”، يستقبل المركزان الوحيدان لعلاج الأطفال المصابين بالسرطان في البلاد ما يتراوح بين 2000 إلى 2500 طفل شهريا.
• تتركز معظم الإصابات وسط وشمال البلاد، حيث تتزايد أنشطة تسميد المشاريع الزراعية في ولاية الجزيرة وسط السودان، في حين يستخدم الزئبق والسيانيد في تعدين واستخراج الذهب شمالا.
• خلال الأيام الماضية، تفاقمت أزمة الأدوية المنقذة للحياة في السودان وتضاعفت أسعارها بأكثر من 10 مرات، مما بات يشكل عبئا كبيرا على أهالي المرضى في بلد يعيش 60 بالمئة من سكانه تحت خط الفقر.
• يقول الأطباء إنهم يعملون في ظل ظروف قاسية، ففي حين يبذلون ما في وسعهم للحفاظ على حياة المرضى من خلال التدخلات الطارئة المتمثلة بمنح المسكنات والصفائح الدموية، فإن تلك التدخلات تفي فقط لمعالجة المضاعفات أو الآلام المصاحبة للمرض، لكنها لا تحدث التقدم المطلوب في العلاج في ظل انعدام جرعات العلاج الكيماوي.
وتشير استشارية علاج أورام الأطفال ندى عثمان يوسف إلى “وضع مأساوي” يعيشه المرضى الصغار، في ظل النقص الحاد الحالي في الجرعات العلاجية.
وأكدت الطبيبة لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن الأطباء باتوا عاجزين عن تقديم البروتوكولات المهمة اللازمة للحفاظ على حياة المرضى، وسط ندرة حادة في بعض مكونات تلك البروتوكولات.
وأوضحت يوسف: “بالإضافة إلى التكلفة المادية العالية التي تتحملها أسر المرضى، فقد فتح النقص الحاد في أدوية وجرعات علاج السرطانات الباب أمام ظاهرة انتشار السوق السوداء، وسط شكوك كبيرة حول مصدر وسلامة الأدوية التي تباع خارج مظلة هيئة الإمدادات الطبية”.
وفي السياق ذاته، اعتبر استشاري أمراض السرطان في مستشفى الذرة بالخرطوم محمد عوض الخطيب، أن تقاعس الدولة عن توفير أدوية وجرعات السرطان يشكل “جريمة قتل للأطفال المصابين”.
ويوضح الخطيب في حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن الأشهر الخمسة الماضية شهدت نقصا مستمرا في جرعات العلاج الكيماوي، مضيفا: “المرضى المشخصون حديثا أصبحوا من دون علاج، كما توقف علاج المرضى المتابعين”.
ويعاني السودان تدهورا مروعا في الخدمات الصحية، ونقصا كبيرا في الأدوية بشكل عام، حيث تشير بيانات رسمية إلى اختفاء أكثر من ألف صنف من نحو 1700 صنف مستخدمة، منها 160 من الأدوية المنقذة للحياة.
ويعمل العديد القليل المتوافر من الأطباء والكوادر الصحية ساعات طويلة، في ظل النقص الحاد في الكوادر الصحية والتردي في أوضاع المستشفيات السودانية.
ووسط الأوضاع الاقتصادية المتردية التي يعيشها السودان، يجد ذوي المرضى صعوبة كبيرة في التأقلم مع تكاليف العلاج والإقامة في المدن القليلة جدا التي توجد بها مراكز التعامل مع مرضى السرطان.
ويقول علم الدين آدم، الذي يعمل في منظمة “كلنا قيم” صاحبة مبادرة “جوانا أمل” لمساعدة مرضى السرطان، إن المنظمة تعمل مع شركائها على توفير الظروف المناسبة لمساعدة المرضى على تلقي العلاج.
ويوضح لموقع “سكاي نيوز عربية”: “تشرف المنظمة على استراحتين في الخرطوم ومدينة واد مدني وسط البلاد لإيواء الأطفال المصابين بالسرطان ومرافقيهم، القادمين للعلاج من المدن والمناطق النائية”.
ويشير آدم إلى المعاناة الكبيرة التي يواجهها المرضى في ظل صعوبة الحصول على الجرعات، مما يؤدي إلى مضاعفات خطيرة وتزايد كبير في أعداد الوفيات.