الجزائر.. “أجهزة إنذار” لوضع حدّ لحوادث الغاز بالبيوت
وبحسب معلومات متوفرة، فإن العائلة متكونة من الأب والأم ورضيع تسمموا بعد استنشاقهم لغاز أحادي أكسيد الكربون المنبعث من مدفأة منزلهم، وقد تم نقلهم إلى مصلحة حفظ الجثث للمستشفى المحلي، بعد تدخل للحماية المدنية.
وفي أرقام رسمية، قدمتها مصالح الحماية المدنية فإنه تم تسجيل 56 حالة وفاة و737 حالة تم إنقاذها من جراء الاختناق بغاز أحادي أكسيد الكربون، خلال شهر يناير من السنة الجارية، وسط ارتفاع ملحوظ في عدد الوفيات مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية التي شهدت تسجيل 33 حالة وفاة.
22 مليون جهاز كاشف للغاز
دقت أخبار العائلات الجزائرية التي راحت ضحية اختناقات بالغاز داخل البيوت منذ بداية موجة البرد ناقوس الخطر، مما دفع السلطات إلى اتخاذ حزمة من التدابير في خطوة استعجالية للحدّ من مآسي ما بات يُطلق عليه بـ”القاتل الصامت”.
وكخطوة في الميدان، تم ضبط كل الإجراءات لإطلاق مناقصة دولية ووطنية قصد اقتناء 22 مليون جهاز كاشف لغاز أحادي أكسيد الكربون داخل البيوت، امتثالا لتوجيهات الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، خلال ترؤسه اجتماع مجلس الوزراء، مؤخرا.
وقد تقرر إثر ذلك تكليف شركة “سونلغاز” (الشركة الوطنية العمومية للكهرباء والغاز ) بتزويد بيوت المواطنين مجانا بأجهزة إنذار ضد تسربات هذا الغاز، كما تقرر أيضا أن “يتضمن دفتر شروط بناء المشاريع السكنية قيد الإنجاز وبكل صيغها، إلزاما، هذا النوع من الأنظمة”.
كما تم التوقيع على اتفاقيات شراكة بين قطاعات التعليم العالي والبحث العلمي، الطاقة والمناجم وكذا اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمؤسسات المصغرة لإنشاء شركة مختلطة في مجال إنتاج وتصنيع جهازين للإنذار بتسربات الغاز.
من وراء تسرب غاز التدفئة؟
حركت قصص عائلات بأكملها راحت ضحية بسبب الاختناق بالغازات المحترقة (أحادي أكسيد الكربون) داخل المنازل في عدة مناطق من البلاد خلال الفترة الأخيرة، الرأي العام بالجزائر الذي تساءل عن الأسباب الحقيقية التي تقف وراء هذه الحوادث المأساوية، وما هي كيفية إيقاف “سموم” أحادي أكسيد الكربون من التسلل إلى صدور المواطنين.
وفيما أجمع العديد من الخبراء أنه من الأسباب الرئيسية وراء حوادث الاختناق بالغاز غياب الوعي لدى المواطن بسبب عدم التقيد بإجراءات السلامة التي تخص أجهزة التدفئة والترصيص الفني السليم والمراقبة التقنية المستمرة إضافة إلى غياب التهوية داخل البيوت.
ورغم تكثيف حملات التوعية الموجهة للمواطنين منذ بداية شهر نوفمبر الماضي، من طرف مختلف أجهزة الدولة وجمعيات حماية المستهلك ووسائل الإعلام الثقيلة إلا أن أرقام ضحايا “القاتل الصامت” ظلت تشهد ارتفاعاً من يوم إلى آخر، سواء في الأرياف أو المدن.
وهنا أرجع رئيس الجمعية الوطنية لحماية المستهلك “الأمان”، حسان منور، ارتفاع أرقام هذه الحوادث إلى “العامل البشري وغياب الحس الاستهلاكي لدى الكثير من المواطنين”.
وأكد منور في حديث مع “موقع سكاي نيوز عربية” أن “الحملات التحسيسية لم تأت بنتيجة مثمرة، وأنه حان الوقت لتطبيق هذه التعليمات بخصوص تزويد بيوت المواطنين بأجهزة إنذار ضد تسربات هذا الغاز خاصة أنه ما يزال يفصلنا الكثير عن انتهاء فصل الشتاء وهذا لوقف عدّاد الضحايا”.
التدفئة المركزية.. البديل
وفي السياق ذاته، توقع رئيس الجمعية الوطنية لحماية المستهلك “الأمان” بأنه “مع تجسيد هذه أجهزة كاشف الغاز في البيوت سنشهد انخفاضا في عدد الوفيات”، إلا أنه دعا بالمقابل إلى “ضرورة تطبيق نظام التدفئة المركزية في المرحلة المقبلة كبديل آمن”.
فيما قدم مصطفى زبدي رئيس جمعية حماية المستهلك، عبر صفحته على فيسبوك، مجموعة من المقترحات، داعيا السلطات في الوقت ذاته، إلى أخذها بعين الاعتبار.
وتمثلت المقترحات في أربع نقاط:
- “إلغاء كل الضرائب الخاصة بأجهزة التدفئة المركزية.
- تفعيل القرض الاستهلاكي لهذه الأجهزة.
- تشجيع وتسهيل صناعة هذه الأجهزة محليا بمواصفات ذات نوعية ومطابقة عالمية.
- تزويد البنايات قيد الإنجاز بكل صيغها بالتدفئة المركزية”.
وبحسب بعض المهنيين الذين يشتغلون في ترصيص أجهزة التدفئة داخل المنازل، فإن رأيهم توجيهي، إذ يدعون المواطنين إلى عدم التهاون في المراقبة التقنية المستمرة للأجهزة التي تشتغل بالغاز.
واعتبر رئيس الجمعية الوطنية للمرصصين الجزائريين، عبد الله لقرع، أن “نقص ثقافة المراقبة الدورية للأجهزة ساهم في ارتفاع عدد الوفيات بتسربات الغاز في البيوت”.
وفي حديث مع “موقع سكاي نيوز عربية”، حذر لقرع، المواطنين من الاعتماد على أشخاص غير أكفاء من أجل تركيب الأجهزة الغازية داخل بيوتهم، مبرزا بأنهم مطالبون باستدعاء المرصصين المختصين عند الشعور بأي حالة خطر لإصلاح أو إعادة تركيب أجهزة جديدة وآمنة.
ومثلما أجمع عليه باقي المتدخلين، أكد رئيس الجمعية الوطنية للمرصصين الجزائريين، على أن العنصر البشري لديه دور رئيسي في تفاقم ظاهرة الاختناق بالغاز.