التوتر يزداد بين أوروبا وأميركا.. والسبب خطة بايدن المناخية
باتت خطة المناخ الضخمة التي طرحها الرئيس الأميركي جو بايدن وأقرها الكونغرس الأميركي تثير توترا بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الذي يخشى أن يرى بعض الإجراءات تضعف صناعته، لكنه ما زال يأمل أن يتغيّر الموقف الأميركي.
ما هي تدابير الخطة؟
الخطة هي تشريع لخفض التضخم، وتتمحور خصوصا على تحسين المناخ والانفاق الاجتماعي، وتتضمن استثمارات تتجاوز 430 مليار دولار من بينها 370 مليارا لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 40 بالمئة بحلول 2030، ما يشكل أكبر جهد تبذله الولايات المتحدة في هذا المجال.
وتأخذ هذه الاستثمارات شكل خفض ضريبي للشركات التي تستثمر في الطاقة النظيفة، فضلا عن دعم كبير للسيارات الكهربائية والبطاريات ومشاريع الطاقة المتجددة ما دامت هذه المنتجات مصنوعة في الولايات المتحدة.
ومن بين هذه التدابير، دعم بقيمة 7500 دولار للأسر لشراء سيارة كهربائية مصنوعة في الولايات المتحدة، ودعم آخر لصانعي أبراج الطاقة الهوائية والألواح الشمسية الذين يستخدمون الفولاذ الأميركي أو خفض ضريبي لمساعدة الشركات على تحقيق انتقال الطاقة.
وأثار هذا التشريع قلق الجانب الأوروبي الذي يرى في عمليات الدعم المختلفة الواردة في القانون، إجراءات تنطوي على “تمييز” ولا سيما حيال شركات صناعة السيارات الأوروبية.
حرص أميركي على شرح تفاصيل القانون
في رأي الجانب الأميركي، رد الفعل الأوروبي مرتبط قبل كل شيء بسوء فهم القانون وأن من الضروري الحرص على شرح تفاصيله.
وخلال اجتماع عقدته في واشنطن مع وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير في نوفمبر، دعت ممثلة التجارة الأميركية كاثرين تاي إلى “العمل معا لتعزيز الفهم المتبادل للقانون”، مشيرة إلى استعداد أميركي لأخذ المخاوف الأوروبية في الاعتبار.
بدوره، أكّد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بعد اجتماع مع المفوضَين الأوروبيَين فالديس دومبروفسكيس ومارغريتي فيستاغر “الاستعداد للمضي قدما معا وليس على حساب طرف على الآخر”.
لكنّ تاي اعتبرت أيضا أن من الضروري أن يتم شرح مبدأ هذا التشريع للأوروبيين، في مناسبات عدّة.
في دافوس، لم يقل السناتور الديموقراطي جو مانشين، الذي كان له دور حاسم في تشديد شروط تخصيص الإعانات مقابل تصويته، أي شيء آخر، فيما بدت عليه الدهشة من ردود الفعل الأوروبية بينما تسلك الولايات المتحدة أخيرا انعطافا نحو تحول الطاقة.
ما هامش تعديل التشريع الأميركي؟
عمليا، هناك فرصة ضئيلة لإدخال بعض التعديلات على النص.
أولا لأن الديموقراطيين خسروا الغالبية في مجلس النواب، فيما تريد الغالبية الجمهورية الجديدة خفض الإنفاق الحكومي الفدرالي بأي ثمن وعدم التردد في استخدام موضوع سقف الديون الذي سيتم بلوغه في يناير، كسلاح تفاوضي.
من جهتهم، لا يريد الديموقراطيون المخاطرة بإضعاف قانون خفض التضخم الذي يعتبر إنجازا كبيرا في ولاية بايدن وقد انتزعه بعد معركة تخللتها مفاوضات ساخنة في مجلس الشيوخ.
يضاف إلى ذلك أن هذه الإجراءات تحظى بشعبية واسعة خصوصا في بعض الولايات حيث لصناعة السيارات وجود كبير مثل أوهايو وميشيغن اللتين باتتا ولايتين رئيسيتين ترجحان كفة الانتخابات.
المعاملة بالمثل
قبل الاتحاد الأوروبي، أثارت كندا والمكسيك مخاوف بشأن قانون خفض التضخم معتبرتين أنه غير متوافق مع اتفاق الولايات المتحدة-المكسيك-كندا (AEUMC) للتجارة الحرة.
وحصل كل من المكسيك وكندا من الولايات المتحدة على توسيع إعانات للسيارات الكهربائية يشمل كل تلك التي “صنعت في أميركا الشمالية”.
وهذا أمر حيوي للمكسيك خصوصا حيث افتتحت العديد من الشركات العالمية مصانع.
تلك هي المعاملة التي يريدها الاتحاد الأوروبي.
لكن حتى في هذا السياق، هناك خلاف بين دول أميركا الشمالية الثلاث حول تعريف المركبة المصنوعة في أميركا الشمالية.
تعتبر المكسيك وكندا أنه يجب أن تكون 75 بالمئة من قطع المركبة مصنوعة في أميركا الشمالية، فيما تشترط الولايات المتحدة أن يكون كل جزء من المركبة مصنوعا بنسبة 75 بالمئة في أميركا الشمالية.
وما زالت هذه المعايير غير مؤاتية لصناعة السيارات الأوروبية التي تعتمد حتى الآن إلى حد كبير على الصين، وخصوصا بالنسبة إلى بطارياتها.