البنك الدولي يخفض توقعاته لنمو اقتصادات الخليج خلال 2023
خفض البنك الدولي، الأربعاء، توقعاته لنمو اقتصادات مجلس التعاون الخليجي إلى 2.5 بالمئة خلال 2023 من 3.2 بالمئة من توقعاته الأخيرة في أبريل، لكنه رفع توقعاته لاقتصادات المنطقة للعام المقبل من 3.1 بالمئة إلى 3.2 بالمئة.
وفي تقريره الأخير، علل البنك أسباب تخفيض توقعاته للعام الجاري بانخفاض إجمالي الناتج المحلي الهيدروكربوني، الذي من المتوقع أن ينكمش بنسبة 1.3بالمئة في عام 2023، بعد الإعلان عن خفض الإنتاج الطوعي في تحالف أوبك بلس في أبريل الماضي، وتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي.
لكن البنك في المقابل أكد أن النمو القوي في القطاعات غير النفطية، الذي من المتوقع أن يصل إلى 4.6 بالمئة في عام 2023، سيقلل من تأثير التراجعات في أنشطة قطاع الهيدروكربونات على النمو، ويرجع السبب في ذلك في المقام الأول إلى النمو المتسارع للاستهلاك الخاص والاستثمارات الثابتة والإصلاحات المالية والاقتصادية التي تبنتها حكومات دول المنطقة
وبحسب البنك الدولي فإن الإصلاحات الهيكلية التي أجريت في السنوات القليلة الماضية ستدعم معدلات النمو هذا العام، كما أدى تحسين مناخ الأعمال والقدرة التنافسية، والتحسينات العامة على مستوى دخول المرأة مجالات العمل في دول مجلس التعاون الخليجي، لاسيما في المملكة العربية السعودية، إلى تحقيق العائدات المرجوة، مع دعوة البنك إلى ضرورة بذل المزيد من الجهود التي تستهدف تحقيق التنوع الاقتصادي المنشود.
تقرير البنك الذي أتى بعنوان “العبء الصحي والاقتصادي للأمراض غير المعدية في دول مجلس التعاون الخليجي”، ركز على جانب جديد من التحديات التي يرى أنها تؤثر على اقتصاد المنطقة، فكما يظهر من العنوان، يستعرض البنك تكلفة وتداعيات الأمراض غير المعدية على اقتصادات المنطقة باعتبارها السبب الرئيسي للوفيات والإصابة بالأمراض، حيث أنها مسؤولة بحسب البنك عن 75 بالمئة من حالات الوفيات والعجز في المنطقة.
ومن بين حالات الوفيات والعجز المشار إليها، يرجع السبب في أكثر من 80 بالمئة منها إلى أربع فئات رئيسية فقط من الأمراض غير المعدية، وهي أمراض القلب والأوعية الدموية، والسكري، والسرطان، وأمراض الجهاز التنفسي.
ويسلط هذا التقرير الضوء أيضا على التكلفة الكبيرة للأمراض غير المعدية على اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، فقد قدرت دراسة حديثة نشرت في مجلة الاقتصاديات الطبية وهي جهد تعاوني بين خبراء في البنك الدولي وأصحاب المصلحة الرئيسيين من مختلف بلدان مجلس التعاون الخليجي ، أن التكاليف الطبية المباشرة لسبعة أمراض غير معدية رئيسية بلغت نحو 16.7 مليار دولار في عام 2019 فقط.
كما أظهرت هذه الدراسة التكاليف غير المباشرة على اقتصادات هذه البلدان، من خلال تأثيرها السلبي على رأس المال البشري، فبحسب الدراسة بلغت تكلفة الخسائر في إنتاجية القوى العاملة وحدها في اقتصادات مجلس التعاون الخليجي أكثر من 80 مليار دولار في عام 2019، ومع شيخوخة السكان، وانتشار الأمراض غير المعدية، توقع البنك الدولي أن تزداد هذه التكاليف في المستقبل.
ولتخفيف حدة هذه التكاليف على اقتصادات المنطقة، دعا البنك إلى تسريع معالجة عوامل المخاطر الأساسية التي تسبب هذه الأمراض في المقام الأول، مثل المخاطر السلوكية القابلة للتعديل مثل النظام الغذائي غير الصحي، ونقص التمارين البدنية، والتدخين وتناول السكر.
أما عوامل المخاطر البيئية فتتمثل على سبيل المثال في تلوث الهواء التي تتجاوز مستوياتها في دول مجلس التعاون الخليجي متوسط المعدلات المسجلة في معظم بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
البنك الدولي قال إن العديد من دول مجلس التعاون الخليجي، اتخذت بالفعل خطوات قوية لمعالجة عوامل المخاطر المشار إليها، بما في ذلك فرض ضرائب على منتجات التبغ والدخان والمشروبات السكرية، وتقييد أو حظر الإعلان عن منتجات التبغ والدخان أو الترويج لها أو رعايتها، وخفض كمية الملح في الأطعمة، كما حددت العديد من هذه الدول مستهدفات بيئية مهمة لنفسها.
ومن جانبه، قال عصام أبو سليمان، المدير الإقليمي لدائرة دول مجلس التعاون الخليجي بالبنك الدولي، “هناك فرصة للقيام بالمزيد من الجهود للحد من الأمراض غير المعدية وتكاليفها في المستقبل”.
ويشدد تقرير البنك، على أن التصدي بفعالية للعبء الصحي والاقتصادي للأمراض غير المعدية، يتطلب نهجا شاملا على مستوى الحكومات، والتركيز الاستراتيجي على الوقاية، واستهداف صغار السن والشباب في سن المراهقة، ووضع وتنفيذ إجراءات وأنشطة تدخلية على مستوى العديد من القطاعات بناء على أدلة وشواهد مع مراعاة السياق المعني، كما ينبغي أن تتعاون الهيئات الحكومية الآن للحد من خطر الأمراض غير المعدية في المستقبل.
وفيما يتعلق بآفاق الأداء الاقتصادي لدول مجلس التعاون الخليجي، نشر البنك في تقريره التوقعات التالية:
السعودية
في أعقاب الزيادة الكبيرة في إجمالي الناتج المحلي بنسبة 8.7 بالمئة في عام 2022، توقع البنك أن يتباطأ النمو الاقتصادي إلى 2.2 بالمئة في عام 2023، وسيتراجع إجمالي الناتج المحلي لقطاع النفط بنسبة 2 بالمئة، نظرا لالتزام المملكة العربية السعودية بتخفيضات الإنتاج الطوعية المتفق عليها في تحالف أوبك بلس.
ومع بقاء أسعار النفط عند مستويات مرتفعة نسبيا، يتوقع البنك أن تخفف سياسة المالية العامة الميسرة ومعدلات النمو القوية في أنشطة الائتمان الخاص من حدة الانكماش في قطاع النفط، ونتيجة لذلك، من المتوقع أن تشهد القطاعات غير النفطية معدلات نمو بنسبة 4.7 بالمئة في عام 2023.
الإمارات
يتوقع البنك الدولي في تقريره، أن يتباطأ النمو الاقتصادي في هذا العام إلى 2.8 بالمئة بسبب تراجع النشاط الاقتصادي العالمي، وانكماش إنتاج النفط، وتشديد أوضاع المالية العامة، كما توقع في الوقت نفسه أن يؤدي النمو القوي للقطاع غير النفطي بنسبة 4.8 بالمئة إلى الحد من تأثير ضعف الأنشطة النفطية، بدعم من قوة الطلب المحلي، لاسيما في قطاعات السياحة والعقارات والإنشاءات والنقل والصناعات التحويلية.
الكويت
يتوقع البنك أن يتباطأ النمو الاقتصادي ليصل إلى 1.3 بالمئة في عام 2023 استجابة لنهج الإنتاج الأكثر حذرا في تحالف أوبك بلس، وتباطؤ النشاط الاقتصادي العالمي، وبالتالي من المتوقع أن ينكمش قطاع النفط بنسبة 2.2 بالمئة في عام 2023 على الرغم من إنشاء مصفاة الزور في الآونة الأخيرة.
كما يتوقع البنك أن تنمو القطاعات غير النفطية في الكويت بنسبة 4.4 بالمئة في عام 2023، ويرجع السبب في ذلك في المقام الأول إلى الاستهلاك الخاص، لكن عدم اليقين بشأن السياسات الناجم عن الجمود السياسي سيؤدي إلى تقويض تنفيذ مشروعات البنية التحتية الجديدة حسب توقعات البنك.
قطر
تشير تقديرات البنك الدولي إلى أن إجمالي الناتج المحلي الحقيقي سيتراجع إلى 3.3 بالمئة في عام 2023، بعد الأداء القوي المسجل في عام 2022، كما يتوقع أن يعزز مشروع التوسع في حقل الشمال من أداء قطاع الهيدروكربونات على المدى المتوسط بمجرد دخول الحقل حيز التشغيل التجاري، كما توقع البنك تحقيق نمو قوي خلال هذا العام في القطاع غير النفطي يصل إلى 4.3 بالمئة، مدفوعا بتعافي الاستهلاك الخاص والعام.
سلطنة عُمان
يرى البنك أن الاقتصاد العماني سيستمر في النمو، ولكن بوتيرة أبطأ، مدفوعا في المقام الأول بتسارع وتيرة تنفيذ الإصلاحات الهيكلية في إطار رؤية 2040، ومن المتوقع أن يتراجع معدل النمو الكلي إلى 1.5 بالمئة في عام 2023 بسبب تراجع الطلب العالمي.
وبناء على ذلك، يتوقع البنك أن ينكمش قطاع الهيدروكربونات بنسبة 3.3 بالمئة بسبب التخفيضات الأخيرة في الإنتاج التي قام بها تحالف أوبك بلس، وفي الوقت نفسه من المتوقع أن يواصل الاقتصاد غير النفطي مسار التعافي من خلال تحقيق معدلات نمو بنسبة 3.1 بالمئة في عام 2023 وسيدعم ذلك التعجيل بتوفير الموارد من أجل مشروعات البنية التحتية، وزيادة القدرات الصناعية من مصادر الطاقة المتجددة، وقطاع السياحة.
البحرين
البنك قال إن الآفاق الاقتصادية للبحرين تعتمد على مستقبل أسواق النفط ونتائج تسارع وتيرة تنفيذ أجندة الإصلاحات الهيكلية في إطار برنامج تحقيق التوازن في المالية العامة بعد تعديله، وبالتالي توقع البنك أن يتراجع معدل النمو إلى 2.7 بالمئة في عام 2023، وأن يبلغ متوسط النمو 3.2% في الفترة بين 2024-2025 مع استمرار ضبط أوضاع المالية العامة.
لكن البنك توقع أن ينكمش النمو في قطاع الهيدروكربونات بنسبة نصف نقطة مئوية هذا العام على أن يستمر القطاع غير النفطي في التوسع وبنسبة تبلغ 3.5 بالمئة مدعوما بالتعافي في قطاعي السياحة والخدمات واستمرار مشروعات البنية التحتية.