إقتصاد

أي مستقبل ينتظر مشاريع "اقتصاد المشاركة" في ظل التحديات؟

خاص

اقتصاد المشاركة

اقتصاد المشاركة

يعد اقتصاد المشاركة شكلاً من أشكال الممارسة التعاونية بين أفراد المجتمع، من خلال التشارك فيما بينهم في الموارد الاقتصادية والقدرات المختلفة، بهدف الحد من استنزاف الموارد خاصة غير المستغلة.

فكيف يعمل هذا النمط من التعاون؟ وما تأثيره على الأسواق والمستهلكين؟ وإلى أي مدى تتأثر مشاريع اقتصاد المشاركة بالأوضاع الاقتصادية الخانقة وحالة الضبابية التي تلف المشهد الاقتصادي العالمي؟  

اقتصاد المشاركة أو الاقتصاد التشاركي، هو نموذج اقتصادي يعتمد على مشاركة الموارد والخدمات بين الأفراد من خلال منصات رقمية بشكل خاص، يهدف إلى تحقيق استفادة أكبر من الموارد المتاحة من خلال تحسين الاستغلال وتقديم خدمات ملائمة للمستهلكين بشكل أكثر فاعلية.

ويمكن اقتصاد المشاركة للمستهلكين الوصول إلى مجموعة متنوعة من الخدمات والمنتجات بشكل أكثر اقتصادية وملائمة، كما يمكنهم من الاستفادة من الموارد المتاحة بشكل أفضل وتقليل التكاليف والتواصل بسهولة من خلال منصات رقمية مبتكرة.

مزايا واسعة للأفراد

يقول الخبير الاقتصادي، الدكتور سيد خضر، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إن ثقافة الاقتصاد التشاركي تقدم مزايا واسعة للأفراد، بخلاف دورها المجتمعي المهم في التنمية والنمو الاقتصادي، ذلك أنها تسهم في تحسين مستوى دخول الأفراد وتحقيق حياة كريمة لهم، علاوة على توفير عديد من فرص العمل للجنسين.

  • يعتمد اقتصاد المشاركة على منصات رقمية مثل تطبيقات الهواتف الذكية والمواقع الإلكترونية.. هذه المنصات تربط بين مقدمي الخدمات والأفراد الذين يبحثون عن هذه الخدمات.
  • يتيح اقتصاد المشاركة للأفراد مشاركة مواردهم الشخصية مثل السيارات والسكن والأدوات والمعدات، وحتى المهارات مع الآخرين. على سبيل المثال، يمكن لشخص تأجير سيارته للآخرين عبر تطبيق خاص به، أو تأجير غرفة في منزله للزوار.
  • يسمح هذا النمط بأن يتم استغلال الموارد بشكل أفضل. على سبيل المثال، بدلاً من أن يكون لديك سيارة تجلس في الكراج غالباً، يمكنك تأجيرها للأشخاص الذين يحتاجونها عندما لا تستخدمها.
  • يمكن لاقتصاد المشاركة أن يسهم في تقليل التكاليف للأفراد، على سبيل المثال، استئجار سيارة لفترة معينة قد يكون أكثر فعالية من شراء سيارة جديدة.
  • كما يمكن للمستهلكين الوصول إلى الخدمات بسهولة من خلال منصات الشيرينغ إكونومي، دون الحاجة إلى التعامل مع الإجراءات الطويلة والمعقدة.
  • توفر المشاركة للمستهلكين مجموعة متنوعة من الخدمات والمنتجات التي يمكنهم الاختيار من بينها، مما يسمح لهم بتلبية احتياجاتهم بطريقة مختلفة ومتنوعة.
  • يمكن لاقتصاد المشاركة أن يدعم الأفراد المحليين من خلال تقديم فرص للدخل الإضافي، سواء كان ذلك من خلال تأجير ممتلكاتهم أو تقديم خدماتهم.

أوضاع اقتصادية خانقة.. واقتصاد المشاركة “الحل”

ويشير خضر لدى حديثه مع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إلى أن الأوضاع الاقتصادية الراهنة تشجع على انتشار مثل تلك الثقافة، لا سيما مع ارتفاع معدلات التضخم واتجاه البنوك المركزية للسياسات النقدية المتشددة من خلال رفع أسعار الفائدة.

ويضيف: “قد تشجع أو تدفع تلك العوامل عديداً من الأفراد لتصفية أعمالهم ووضع أموالهم في البنوك بهدف الحصول على فائدة عالية تجنباً لمواجهة التحديات التي تطرحها مثل تلك الأوضاع (..)”.

وعليه يُمكن أن يتجه الأفراد للبحث عن موارد مختلفة ضمن “الاقتصاد التشاركي” بتوظيف ما لديهم من موارد بشكل مختلف، وكذلك الاستفادة من موارد الآخرين على النحو المذكور.

وثمة عديد من الأمثلة التي تُظهر تنوع استخدامات اقتصاد المشاركة، وتوضح كيف يمكن للأفراد الاستفادة من الخدمات والموارد بشكل مشترك، ما يسهم في تحسين الكفاءة وتقليل الهدر في الاقتصاد.

  • تطبيقات مشاركة السيارات التي تتيح للأفراد تأجير سياراتهم لنقل الركاب.
  • مواقع مشاركة المساكن التي تمكن أصحاب المنازل من تأجير غرف أو منازل للمسافرين.
  • منصات مشاركة الخدمات الشخصية،مثل تلك التي تتيح للأشخاص تقديم خدمات مثل التنظيف والصيانة وترتيب الأمور اليومية للآخرين.
  • تطبيقات مشاركة الوجبات المنزلية التي تتيح للأفراد توصيل وجبات الطعام للمستهلكين.
  • مواقع ومنصات التعليم عبر الإنترنت، التي تتيح للأفراد تقديم دورات تعليمية عبر الإنترنت للمهتمين.
  • تطبيقات التدريب الشخصي التي تسمح للخبراء تقديم خدمات تدريب شخصي عبر الإنترنت.
  • منصات مشاركة الأدوات والمعدات لإتاحة تأجير أدوات ومعدات للأفراد الآخرين.
  • تطبيقات مشاركة الملابس والإكسسوارات التي تتيح للأفراد استئجار ملابس وإكسسوارات للمناسبات.

 

محفزات وتسهيلات حكومية

ومع تعدد الأمثلة المختلفة لمشاريع “الاقتصاد التشاركي” على ذلك النحو وتطورها بشكل لافت، وفي ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة، يشير خضر إلى أهمية اهتمام الحكومات بتقديم حوافز استثمارية وتسهيلات لذلك النمط من المشاريع لتشجيعها على النمو، نظراً لانعكاساتها الإيجابية الواسعة على المجتمع.

ويؤكد الخبير الاقتصادي أن لزيادة نسبة المشاركة بين الأفراد في المشروعات، خاصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة أو حتى اللجوء لشركات المساهمة العائلية والمشاريع المرتبطة بالاقتصاد التشاركي، لابد من أن تقدم الحكومات حوافز تشجيعية ومبادرات حكومية للأفراد، مع تذليل العقبات والتحديات وإزالة التعقيدات البيروقراطية (..).

وأضاف أنه على سبيل المثال أيضًا في دول بمنطقة شرق آسيا، يعد هذا النظام ركيزة من ركائز التنمية الاقتصادية، لذا تقدم تلك الدول حوافز عديدة للمشروعات الصغيرة التي هي أساسها مشاركة الأفراد، مشيراً إلى أن لهذا السبب على دول المنطقة العربية القضاء على البيروقراطية والتوسع في النظام التشاركي، وذلك بهدف:

  • زيادة فرص العمل، وبالنظر إلى أن مثل هذه المشروعات تسهم في تقليل نسب الفقر والبطالة.
  • التحسين من مستوى دخل الأفراد والأسر.
  • انتعاش السوق الداخلية، وبالتالي تحقيق التوازن في الأسعار، خاصة في ظل الأزمات التي يشهدها العالم وارتفاع الأسعار الفترة الأخيرة.

أما عن المستهلكين، فأكد الخبير الاقتصادي، أن الاقتصاد التشاركي من شأنه أن يحفز عملية زيادة الاستهلاك ويوفر فوائد كثيرة للمستهلكين، نظراً لأنه يقدم الخدمات والسلع بشكل يتسم بالبساطة والتكلفة الأقل.

 

أي مستقبل ينتظر تلك المشاريع؟

وكما تقدم مشاريع “الاقتصاد التشاركي” فرصاً هائلة للأفراد في فترات الأوضاع الاقتصادية الخانقة، لجهة أنها توفر حلولاً مناسبة لاستغلال مواردهم (والحصول على ربح تبعاً لذلك) أو استغلال موارد الآخرين (وبالتالي تقليل النفقات نسبياً)، فإنها تواجه في الوقت نفسه تحديات واسعة في تلك الفترات، من بينها على سبيل المثال تأثير ارتفاع الأسعار الواسع على تلك المشاريع، خلافاً لتحديات مختلفة أخرى.

الخبير الاقتصادي أستاذ التمويل والاستثمار مصطفى بدرة، يقول إن الاقتصاد التشاركي بطبيعة الحال يتأثر بالأوضاع الاقتصادية وتحدياتها من تغيرات في سعر صرف العملات والتضخم العالمي وتوقف سلاسل التوريد العالمية، لافتاً إلى أن تلك التحديات تأثيرها يختلف من دولة لأخرى.

ويضيف خلال تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” أن كل التحديات الحالية والوضع الاقتصادي الخانق عالمياً يتطلب إيجاد فرص للأفراد في مجابهة تلك التحديات، ويعد الاقتصاد التشاركي أحد الحلول؛ لأنه شكل من التنمية التي تنعكس على الأفراد بالحد من البطالة وزيادة فرص العمل وموارد الدخل.

وحول مستقبل الاقتصاد التشاركي في ظل التحديات الراهنة، يتوقع الخبير الاقتصادي، أن يصبح أكثر تقدماً من الناحية التكنولوجية، مع زيادة اهتمام المواطنين بهذا الجانب في حياتهم وتطور التكنولوجيا، إضافة إلى المزيد من مشروعات التمويل.

ويرى بدرة أن الاقتصاد التشاركي والإنتاج التعاوني من شأنه أن يخلق مستقبلاً المزيد من المشاريع والأعمال التجارية سواء صغيرة أو كبيرة، وهو ما سيؤدي إلى تحسن مستوى التنمية في جميع أنحاء العالم.

وعلى مستوى المستهلك فتوقع أنه مستقبلا سيتمكن الأفراد من الحصول على مزيد من السلع والخدمات بشكل أسهل مما هو عليه الأمر حالياً، كما يمكن لهذا النوع من الاقتصاد أن يساعد على تخفيض الأسعار بالسوق.

وينصح بأن تكون هناك توسعة باقتصاد المشاركة وأن يتم الحد من التحديات التي يواجهها المستثمرين في كل المجالات عبر تقديم مجموعة من التسهيلات، مشيراً إلى أن المستقبل يعتمد على  قدرة الدول على المساهمة في تنفيذ المشروعات بما يحقق مصالح الأفراد والمجتمع ككل، وذلك من خلال تطبيق الحوكمة ومنع الفساد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى