أهمية دور الأكاديميين في التنمية الاقتصادية – محمد سليمان العنقري
محمد سليمان العنقري
رأس المال البشري يعد أهم ثروة في الأوطان فهم عماد التنمية والمنفذين لبناء مشاريعها ومن يجدون الحلول للتحديات وكذلك منهم المبتكرون والمخترعون والمملكة أولت التنمية البشرية أهمية كبرى منذ عقود وتستحوذ مخصصات التعليم والتأهيل على أكثر من 20 بالمائة من الميزانية العامة للدولة سنوياً حيث يوجد أكثر من 37 ألف مدرسة وقرابة الـ 30 جامعة رسمية إضافة لمئات المعاهد والكليات التقنية إضافة للتعليم الأهلي العام والجامعي ولكن يبقى قياس مدى استفادة المجتمع من الأكاديميين من منسوبي الجامعات له أهمية بالغة فهم أصحاب تخصصات مهمة وأغلبهم حصل على درجاته العلمية العالية من أفضل الجامعات العالمية من خلال برامج الابتعاث الحكومية.
وقد يكون كتب سابقاً العديد من المقالات حول أهمية التوسع بالاستفادة من الأكاديميين من حملة شهادة الدكتوراه في مختلف المجالات التي نسعى لتطويرها في مجالات الصناعة والتقنية والطب والعلاجات وكذلك الخدمات لكن الملاحظ أن دور الأكاديمي مازال محصوراً بنسبة كبيرة في جانب مهم من دوره وهو تدريس المقررات في الحامعات لكن هناك هدراً عملياً لهذه الطاقات البشرية فالجانب الأهم أيضاً من حصولهم على درجات علمية عليا هو تقديم البحوث والابتكارات في شتى المجالات ويتحقق ذلك من خلال الشراكات بين الجامعات والقطاعات الحكومية وكذلك القطاع الخاص بحيث تقدم لهم دراسات وأبحاثاً حول ملفات هم يطلبون من مراكز البحث بالجامعات تولي معالجتها أو تلبية ما يحتاجونه مما يعظم من استفادة المجتمع والاقتصاد من أصحاب هذه الشهادات الرفيعة والتخصصات المهمة كما يمنحهم الفرصة لكي يكونوا قريبين من الحراك الاقتصادي وواقع القطاعات ويمكنهم من القدرة على الانتقال للعمل الميداني والتشغيلي عندما تتاح الفرصة لهم إضافة لجانب مهم وهو زيادة دخلهم حيث أصبح بعضهم يبحث عن الفرص خارج الجامعة نظراً لأن مستوى الرواتب أصبح أعلى بكثير من الجامعات خصوصاً مع التطور الذي تشهده المملكة منذ إطلاق رؤية 2030 التي أتاحت فرصاً هائلة في قطاعات اقتصادية عديدة وبمداخيل مرتفعة فالنمو الاقتصادي الذي شهدته المملكة غير مسبوق بحجمه تاريخياً فمن عام 2018 حتى العام الماضي بلغ حجم نمو الناتج المحلي 65 بالمائة من قرابة 2،6 إلى 4،2 تريليون ريال وذلك نتيجة لحجم الإنفاق الرأسمالي والتوسع الأفقي والعامودي بالاقتصاد فالفرص في القطاعين العام والخاص هائلة بالإضافة لجاذبية الاستثمار والتمكين الكبير الذي يشهده قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة وزيادة دعم رأس المال الجريء فمع هذا التوسع في قطاع الأعمال وفي مجالات جديدة بالاقتصاد من المؤكد سيكون هناك طلب عالٍ على التخصصات العلمية والشهادات العليا وهو ما سيمثل تحدياً للجامعات في الحفاظ على كوادرها المميزة ولذلك من المهم التركيز على كيفية المحافظة على هذه الكوادر بتفعيل أدوار مهمة لها تحديداً في مجال البحث والابتكار لصالح جهات تستفيد منها وتدفع مقابل ذلك مبالغ تستفيد منها الجامعة والأكاديمي مما يعزز من دوره بالمجتمع وكذلك يرفع من دخله ويستمر في جامعته ليكمل دوره الآخر في العملية التعليمية فالأبحاث التي يقومون بها حالياًمجرد أوراق علمية يقوم بنشرها بمجلات محكمة دولية بقصد الترقية بعد أن أصبح لزاماً عليه القيام بذلك سنوياً وهو يدفع مبالغ كبيرة مقابل نشر هذه الأبحاث ولذلك نجد مشاركات جماعية عديدة من قبل الأكاديميين في أي بحث لتتوزع أعمال البحث والتكلفة عليهم.
حتى تكون مجهودات أكاديميي الحامعات في البحث والأوراق العلمية التي يقدمونها ذات أثر أوسع ولا تكون طاقات مهدرة فمن الضروري إعادة هيكلة أنظمة البحث والابتكار بالجامعات وربط مراكز البحث لديها بالسوق وتعظيم الفائدة المادية للجامعة وللباحث والحلول للجهات المستفيدة من أبحاثهم والتي ستنعكس بتوطين التقنية والابتكارات وزيادة الإنتاجية بالاقتصاد والتي ستنعكس إيجاباً بتوليد فرص العمل وزيادة في المحتوى المحلي وامتلاك التكنولوجيا والحلول بدلاً من شرائها من الخارج فالدول المتقدمة لعبت الجامعات بأبحاثها وأكاديمييها دوراً كبيراً في تقدم العلوم والابتكارات لديهم في كل المجالات.