إقتصاد

أزمة قطاع السيارات في مصر.. إلى أين؟

خاص

السيارات - أرشيفية

السيارات – أرشيفية

اضطرابات واسعة تشهدها سوق السيارات في مصر، في ظل الارتفاعات المتوالية بالأسعار، ضمن تبعات الأزمة الاقتصادية العالمية وارتفاع معدلات التضخم، فضلاً عن تراجع قيمة العملة الوطنية، والإجراءات الهادفة لتقليص فاتورة الاستيراد، وبما انعكس على حجم المعروض.

وشهد قطاع السيارات جملة من المتغيرات خلال الفترات الأخيرة على وقع تلك الضغوطات الاقتصادية الحالية، والتي أفضت إلى خروج شريحة كبيرة من المستهلكين المستهدفين من قبل القطاع، في وقت يسعى فيه المستهلكون لتقليص النفقات لتبقى في سياق الاحتياجات الأساسية.

ومع تفاقم الضغوطات على القطاع، دعت رابطة تجار السيارات أخيراً إلى حوار شامل هدفه “إنقاذ القطاع من الركود” بعد الضربات المتتالية العميقة التي واجهها بدءًا من تبعات جائحة كورونا في العام 2020 ووصولاً إلى الحرب في أوكرانيا وانعكاساتها الاقتصادية الشديدة على الأسواق كافة.

ودعت الرابط، على لسان رئيسها المستشار أسامة أبو المجد، إلى ضرورة الإسراع في تأسيس المجلس الأعلى لصناعة السيارات، لتوفير إطار رسمي متخصص في القطاع وحل مشاكله.

وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، قد صدق في أكتوبر الماضي، على القانون رقم 162 لسنة 2022 بإنشاء المجلس الأعلى لصناعة السيارات وصندوق تمويل صناعة السيارات صديقة البيئة.

وفيما تكشف أرقام الواردات والمبيعات المحققة في العام الماضي حجم التراجع الذي يواجهه القطاع، ومع أزمة تكدس سيارات 2022 بالموانئ، فإن ثمة عديداً من التساؤلات تفرض نفسها على العاملين بالقطاع والمستهلكين بشأن السيناريوهات المرتقبة على المديين القصير والمتوسط، واتجاهات أسعار السيارات في غضون ذلك، وغيرها من التساؤلات ذات الصلة.

القطاع لم يصل إلى مرحلة الركود

المدير التنفيذي السابق لرابطة مصنعي السيارات، اللواء حسين مصطفى، يلفت في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إلى أن قطاع السيارات في مصر لم يصل بعد إلى مرحلة الركود، وإن كانت هناك حركة بطيئة جداً مقارنة بالمعدلات الطبيعية.

ويتحدث عن تبعات تأثر عمليات الاستيراد بالتدابير الداخلية لتوفير العملة الصعبة، لافتاً إلى أن الظروف الاقتصادية الحالية وتراجع قيمة الجنيه، هي أمور أسهمت في توجيه التركيز الأساسي على في عمليات الاستيراد على السلع الأساسية، وبما أثر على حجم الواردات، ومن ثم حجم المعروض في سوق السيارات حالياً.

وتُظهر أحدث البيانات الواردة ضمن نشرة التجارة الخارجية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، تراجعاً حاداً بواردات مصر من السيارات.

  • 8 بالمئة تراجعاً بواردات السيارات إلى مصر بمختلف أنواعها (خلال أول 11 شهراً من العام 2022)
  • بلغت قيمة الواردات 2 مليار و331 مليون دولار خلال الفترة المذكورة،مقابل 4 مليارات و147 مليون في نفس الفترة من 2021

ويتحدث مصطفى عن أرقام المبيعات في العام 2022 حيث عرفت تراجعاً ملحوظاً من أكثر من 290 ألف سيارة في العام 2021 إلى نحو 184 ألف سيارة فقط في 2022 بنسبة تراجع تزيد عن 36 بالمئة، مشيراً في الوقت نفسه إلى ما شهدته الأشهر الأخيرة من العام الماضي من تراجع واسع في المبيعات بلغ حوالي 73 بالمئة في شهر ديسمبر، وهو ما يعطي دلالة واضحة على اتجاهات السوق وتأثر المبيعات بالأوضاع الاقتصادية.

إغلاق المعارض

ويتابع: “بينما لم نصل بعد لمرحلة الركود مع وجود حركة ضعيفة على مستوى كبار ومتوسطي الموزعين، إلا أن بعض المعارض الصغيرة بدأت بالفعل تغلق أبوابها”، مشدداً في السياق نفسه على أن ارتفاع أسعار السيارات أدى إلى خروج شريحة كبيرة من السوق، حيث تجاوزت الأسعار الإمكانات الاقتصادية لأغلب المستهلكين.

لكنّه يعتقد بأن العام الجاري 2023 سوف يحمل معه نُذر الانفراجة على القطاع، لا سيما مع استهداف مصر معدلات نمو تصل إلى أكثر من 4 بالمئة، وهو ما ينعكس بدوره على الأسواق، ويعطي أملاً في تجاوز المرحلة الحالية عموماً، وخاصة في ظل المشاريع التي تتجه إليها الدولة وخطط توفير العملة الصعبة.

ويردف قائلاً: “الدولة تتجه للمشاريع كثيفة العمالة قليلة رأس المال، لا سيما في الصناعة والزراعة والخدمات والتكنولوجيا، في سياق الاهتمام بتوطين الصناعة، ودفع الصادرات، وهو ما ينعكس على الاقتصاد عموماً وليس قطاع السيارات فقط”.

تراجع المبيعات

وطبقاً للبيانات الصادرة عن مجلس معلومات سوق السيارات “أميك” الشهر الجاري، فإن:

  • 47 بالمئة تراجعاً بمبيعات السيارات (بمختلف أنواعها) خلال العام 2022 (تم تسجيل 184.771 سيارة مقابل 290.846 سيارة في 2021)
  • 6 بالمئة تراجعاً بمبيعات سيارات التجميع والتصنيع المحلي.. و19.8 بالمئة تراجعاً بمبيعات السيارات المستوردة
  • 38 بالمئة تراجعاً بمبيعات سيارات الركوب.. و33 بالمئة تراجعاً بمبيعات الشاحنات.. و32.8 بالمئة تراجعاً بمبيعات الأتوبيسات
  • خمس علامات تجارية سيطرت على ما يقرب من 60 بالمئة من مبيعات السيارات خلال العام 2022

خبير السيارات، عضو شعبة السيارات بالاتحاد العام للغرف التجارية في مصر، منتصر زيتون، يقول في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن سوق السيارات عادة ما تشهد فترات ركود متقطعة، لكنّ الفترة الراهنة ثمة ضعفاً شديداً في الحركة مستمر بشكل واسع على وقع ارتفاع معدلات التضخم، وبما يؤثر بشكل أساسي على القدرة الشرائية للمواطنين وترتيب الأولويات الاستهلاكية.

ويشدد زيتون على أن معدلات التضخم وارتفاع الأسعار بالأسواق، بما في ذلك قطاع السيارات، تعود في الأساس إلى الأزمة العالمية التي تواجهها الاقتصادات المختلفة على وقع التطورات الراهنة حول العالم، وبما يؤثر على قيمة العملة التي عرفت تراجعاً واسعاً خلال الشهور الأخيرة.

ويلفت خبير السيارات في الوقت نفسه إلى أثر التدابير الداخلية في الحد من الاستيراد، في سياق توفير العملة الصعبة، وبما أثر على المخزون لدى وكلاء السيارات.

وفيما يتعلق بالانتقادات الموجهة للتجار بأنهم جزء من أسباب تفاقم المشكلة بإقرار زيادات غير منضبطة، لا يعتقد زيتون بأن الأسعار الحالية بالسوق مبالغ فيها، مبرراً ذلك بأن “ارتفاعات الأسعار العالمية وتراجع قيمة العملة هي عوامل أساسية تنعكس على أسعار السيارات بالفعل وتقود إلى تلك الزيادات التي تشهدها السوق المحلية”.

كما يلفت في الوقت نفسه إلى جانب من أسباب ارتفاع الأسعار يرتبط تأخر الإفراج عن السيارات في الموانئ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى