هرباً من الخطر.. ما الذي دفع الناقل اللبناني لإجلاء طائراته؟
بدأت إنعكاسات توسع الحرب الدائرة بين إسرائيل وفلسطين، تلقي بظلالها على الاقتصاد اللبناني، بعد أن تمددت إلى مناطق في جنوب لبنان. وكانت شركة طيران الشرق الأوسط وهي الناقل الوطني اللبناني، أول المتأثرين من التصعيد العسكري، الذي اشتدت وتيرته في جنوب البلاد خلال الساعات الماضية.
فقد قررت شركة طيران الشرق الأوسط “الميدل إيست”، واستباقاً لاحتمال توسع النزاع بين لبنان واسرائيل، نقل المزيد من طائرتها إلى خارج لبنان، وذلك مع توقّف شركات التأمين عن تقديم خدماتها للشركة، على اعتبار أن لبنان بات في حالة حرب.
ومنذ أيام أعلنت طيران الشرق الأوسط، أنه بسبب الأوضاع التي تمر بها المنطقة، قامت الشركة بركن خمس طائرات من أسطولها مؤقتاً، في مطار إسطنبول وذلك كخطوة احترازية، لتعلن اليوم وعلى لسان رئيسها محمد الحوت، أن 8 طائرات فقط من أصل 22 طائرة، ستكون بالخدمة اعتباراً من الأسبوع المقبل، وذلك مع خفض شركات التأمين لنسبة غطائها التأميني على طائرات الشركة.
وبحسب الحوت فإن طيران الشرق الأوسط، قررت تسيير طائرات بما يتوافق مع سقف التأمين الجديد الذي وضع لها، ولذلك ستقوم بإلغاء أكثر من نصف رحلاتها، مع تركيز أولويتها على تأمين استمرار التواصل بين لبنان والخارج، مؤكداً عدم امتلاكه لمعلومات حول استهداف مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، وكاشفاً أن القلق ظهر لدى شركات التأمين، مع بداية عملية “طوفان الأقصى”.
ومن المرتقب أن تنقل طيران الشرق الأوسط خلال الساعات الـ 24 المقبلة، الطائرات التي ستتوقف عن العمل، إلى عدة مطارات في العالم كقبرص أو تركيا أو قطر بعيداً عن مخاطر الحرب المحتملة، في حين عمدت الشركة إلى وقف تلقيها لحجوزات جديدة، وذلك حتى تتمكن من إعادة جدولة الحجوزات الحالية، بناءً على عدد الرحلات المتوفرة.
وتأسست شركة طيران الشرق الأوسط عام 1945، وهي تقدم خدماتها إلى أكثر من 30 وجهة في الشرق الأوسط، أوروبا، وأفريقيا، وتتخذ من مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، مركزاً لعملياتها، ويملك مصرف لبنان غالبية الأسهم في الشركة التي يفوق عدد موظفيها الـ 2300 شخص.
وفي عام 2006 تكبدت الشركة خسائر بقيمة 45 مليون دولار أميركي، بسبب القصف الإسرائيلي لمطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، الذي ترافق مع حظر جوي فرضته إسرائيل على البلاد، حيث أن احتمال تكرار هذا السيناريو، دفع بالعديد من سفارات دول العالم، مثل أميركا وألمانيا وهولندا وغيرها الكثير، إلى الطلب من رعاياها مغادرة الأراضي اللبنانية على وجه السرعة، في حين عمدت شركات طيران مختلفة إلى إيقاف رحلاتها إلى بيروت مؤقتاً.
دلالة على خطورة الأوضاع
ويصف رئيس إتحاد المؤسسات السياحية في لبنان، بيار الأشقر، في حديثه لـ”اقتصاد سكاي نيوز عربية”، القرار الذي اتخذته طيران الشرق الأوسط بأنه دليل على خطورة الوضع المحدق بلبنان، فتحمّل التكاليف الناتجة عن وضع الطائرات خارج لبنان وبمكان بعيد عن الخطر، يظل أقل كلفة من الخسائر التي قد تتعرض لها الطائرات، في حال تعرض مطار رفيق الحريري الدولي إلى قصف، خصوصاً أن طائرات ” الميدل إيست” فقدت معظم الغطاء التأميني.
وأعرب الأشقر عن تخوّفه من أن تتحول هذه الخطوة إلى عدوى تصيب مختلف شركات الطيران الأخرى، حيث لا يعود هناك من شركة تعمل في المطار سوى الناقل الوطني اللبناني، كاشفاً أن حجوزات السفر إلى لبنان بدأت تلغى مباشرة بعد يومين من بدء عملية “طوفان الأقصى”، وقبل بدء توالي تحذيرات دول العالم من السفر إلى بيروت.
كلفة التشغيل تتخطى بكثير الإيرادات
وبحسب الأشقر فإن آلاف الأشخاص ألغوا حجوزاتهم في فنادق لبنان، وهذا ما أدى إلى هبوط نسبة الإشغال الى مستويات متدنية جداً، إلى درجة باتت فيها كلفة التشغيل أكبر بكثير من الإيرادات المحققة، ما يعني أن الخسائر ستكون كبيرة على القطاع، الذي عاش فترة من الإنتعاش خلال موسم الصيف، آملاً بأن لا تسوء الأوضاع أكثر، وأن لا تطول الأحداث الحالية كي تعود الأمور الى طبيعتها، وإلا سوف تضطر المؤسسات السياحية الى تقليص أعداد موظفيها، أو إقفال أجزاء منها أو بعضها، خصوصاً أنه في ظل هذه الأوضاع الراهنة، لن يتجرأ أحد للمجيء الى البلاد، ما يعني أن الفنادق ستكون خالية من الزوار.
من جهته كشف الشريك التنفيذي لشركة Eagle Travel للسياحة والسفر، عامر دبوسي، في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن شركة طيران الشرق الوسط، قامت اليوم بإيقاف عملية حجوزات السفر عبر طائراتها حتى تاريخ 31 أكتوبر، وهو الأمر الذي أثر على آلاف الأشخاص الراغبين في السفر من وإلى لبنان.
تشغيل 8 طائرات من أصل 22
ويشرح دبوسي أن خطوة التوقف عن تلقي الحجوزات، هدفها إتاحة الوقت للشركة للقيام بإعادة جدولة لجميع رحلاتها، فعدد الرحلات التي يمكن لـ 8 طائرات القيام بها يومياً حالياً، يقل بكثير عن عدد الرحلات الذي كان متاحاً عند تشغيل 22 طائرة، لافتاً إلى أن هذه خطوة ستنعكس انخفاضاً في حركة المطار وكل القطاعات والشركات المرتبطة به، خصوصاً أنها تترافق مع إعلان الخطوط الجوية السعودية وطيران لوفتهانزا الألماني عن تعليق الرحلات إلى بيروت مؤقتاً.
ويرى دبوسي أنه من السابق لأوانه توقع حجم الخسائر المادية المترتبة عن خطوة طيران الشرق الأوسط، متوقعاً أن يزداد حجم الخسائر ليصل إلى ملايين الدولارات في حال ارتفاع وتيرة الأحداث العسكرية في لبنان، تماماً كما حصل في حرب تموز من عام 2006.