سياسة

مشاركة ضعيفة في الدورة الثانية للانتخابات البرلمانية التونسية

أعلنت الهيئة العليا للانتخابات في تونس الأحد ان نسبة المشاركة في الدورة الثانية للانتخابات النيابية لم تتجاوز 11,3% في استحقاق تعد نسبة المشاركة فيه المقياس الأساسي لنجاح مشروع الرئيس قيس سعيد.

وأدلى 887,638 شخصا بأصواتهم من مجموع 7,8 ملايين ناخب مسجلين بحسب نتائج أولية، على ما أفاد رئيس الهيئة فاروق بوعسكر في مؤتمر صحافي.

وكانت نسبة المشاركة بلغت 11,22% في الدورة الأولى، وهي أضعف نسبة تصويت منذ بداية الانتقال الديموقراطي عام 2011 بعد انهيار نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي.

وتعتبر نسبة المشاركة الهزيلة مؤشرا سلبيا لمشروع الرئيس قيس سعيد الذي يحتكر السلطات في البلاد منذ العام 2021.

ولم تشهد مكاتب الاقتراع إقبالا على التصويت حتى اغلاقها عند الساعة السادسة مساء (05,00 ت غ).

وفي مركز اقتراع بمنطقة باردو محاذ لمبنى البرلمان، صوت العشرات خلال الساعتين الأوليين من مجموع مسجلين يزيد عن ثمانية آلاف ناخب، وفقا لمراسل فرانس برس.

وقالت شريفة السيداني (72 عاما) التي أدلت بصوتها لأنها “تريد مستقبلا أفضل للشباب”، وهي شريحة عمرية لم تشارك نسبة كبيرة منها في الدورة الأولى.

لكن محمد العبيدي (51 عاما) الذي يعمل نادلا بمقهى خالفها الرأي إذ قال لفرانس برس “من المستحيل أن أصو ت لرئيس لا يشرك بقية الاطراف السياسية في قراراته”.

وتنافس 262 مرشح ا على 131 مقعدا في البرلمان الجديد (من أصل 161)، خلال انتخابات تمثل المرحلة الأخيرة من خريطة طريق فرضها الرئيس قيس سعيد وأبرز ملامحها إرساء نظام رئاسي معزز على غرار ما كان عليه الوضع قبل الثورة التونسية.

لم يختلف المشهد كثيرا في محافظات البلاد حيث خلت مكاتب الاقتراع من الطوابير التي عهدتها في انتخابات ما قبل العام 2021.

وفي محافظة قفصة (جنوب-غرب) قام محمود تليجاني (56 عاما) بانتخاب مرشح تربطه به قرابة عائلية. وقال “أنا هنا لمساندة ابن عمي المرشح، لهذا قمت بالتصويت”.

تفرد سعي د بالسلطة في 25 يوليوز 2021 عبر تجميد أعمال البرلمان وحل ه لاحقا، وإقرار دستور جديد إثر استفتاء في الصيف الفائت أنهى النظام السياسي القائم منذ 2014.

بر ر الرئيس قراره آنذاك بتعط ل عجلة الدولة على خلفية صراعات حاد ة بين الكتل السياسية في البرلمان.

وسيكون للمجلس النيابي الجديد عدد قليل جد ا من الصلاحيات، إذ لا يمكنه على سبيل المثال عزل الرئيس ولا مساءلته. ويتمتع الرئيس بالأولوية في اقتراح مشاريع القوانين.

ولا يشترط الدستور الجديد أن تنال الحكومة التي يعينها الرئيس ثقة البرلمان.

وقد ر الخبراء أن تكون نسبة الامتناع عن التصويت مرتفعة، معربين عن مخاوف من أن تنحرف البلاد عن مسار الانتقال الديموقراطي بعد أن كانت مهدا لتجربة فريدة في المنطقة.

وأكد العامل بمخبز في محافظة أريانة المتاخمة للعاصمة تونس عمران ذويب (37 عاما) أن سعيد كانت لديه “فرصة لتغيير أحوال البلاد، لكنه فوتها علينا ولم يفعل شيئا”. ونتيجة ذلك، بات “راتبي اليومي بالكاد يكفي لشراء حاجياتي الأساسية”.

من جهتها، دعت الأحزاب السياسية المعارضة وأبرزها حزب النهضة الإسلامي الذي كانت له أكبر الكتل في البرلمان منذ ثورة 2011 إلى مقاطعة الانتخابات، معتبرة ما يقوم به سعي د “انقلابا”.

ونددت منظمات تراقب عملية التصويت على غرار “مراقبون” بعدم مدها بإحصاءات المكاتب من قبل الهيئة، قائلة في بيان إن ذلك “يعد مس ا صارخا لمبدأ الشفافية وإتاحة المعلومة، مما يضعف من الثقة في العملية الانتخابية”.

ورأى الباحث في “مركز كولومبيا” يوسف الشريف أنه “بالنظر إلى عدم الاهتمام التام للتونسيين” بالحياة السياسة، فإن “هذا البرلمان لن يتمتع بشرعية كبيرة. وبفضل دستور 2022 سيتمكن الرئيس القوي من الهيمنة عليه كما يشاء”.

أما المعارضة التي دعت الرئيس إلى الاستقالة بعد نسبة الامتناع الكبيرة عن التصويت خلال الدورة الأولى من الانتخابات، فلا تزال منقسمة بدورها إلى ثلاث كتل مختلفة التوجهات، هي “جبهة الخلاص الوطني” التي يتزع مها حزب النهضة، والحزب الدستوري الحر بقيادة عبير موسي التي تدافع عن خيارات نظام بن علي، والأحزاب اليساري ة.

دأبت أحزاب المعارضة على تنظيم تظاهرات للتنديد بقرارات سعيد منذ أن أقرها. ويلاحق القضاء العديد من نشطائها.

ويترافق الغليان السياسي في تونس مع مأزق اقتصادي فاقمه تعثر المفاوضات الحاسمة مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بنحو ملياري دولار.

ورسم الخبير السياسي حمادي الرديسي في تصريح لوكالة فرانس برس صورة قاتمة عن حال تونس، قائلا إن “الوضع الاقتصادي مأسوي والبلاد على وشك الانهيار”.

من مظاهر الأزمة الاقتصادية تباطؤ النمو إلى أقل من 3%، وارتفاع البطالة إلى أكثر من 15%، فيما تزداد مستويات الفقر الذي دفع 32 ألف تونسي إلى الهجرة بحر ا نحو إيطاليا بشكل غير قانوني عام 2022.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى