م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
– كم هو محير حينما تجد نفسك تقف عند مفترق شيء ما ولا تجد مفترق طرق فليس هناك طرق.. ولا مفترق زمن فالزمن يسير إلى الأمام لا يتوقف ولا يتوانى.. ولا مفترق علاقة فأنت وحدك ليس معك أحد.. ولا مفترق رأي أو فكرة فلم تكن تفكر ولم يُطْلب منك أن تبحث عن رأي.. لكنك فجأة شعرت بحالة من الحيرة، وللخروج منها لا بد من اتخاذ قرار.. وهنا يكون مفترق الطرق في الحياة.. وأن تقف حائراً عند مفترق الطرق لا يقل سوءاً عن أن تتخذ الطريق الخطأ.
– عند مفترق طرق الحياة أنت أمام خيار واحد إما أن تصيب في اختيارك أو تخطئ.. تختار طريقك أحياناً بِعِلم وأحياناً بهوى وأحياناً اضطراراً.. وأحياناً يُسَيِّرك القدر لا حول لك ولا قوة، إنما تسير مع الجموع كالأعمى وتطلب من الله الستر لا أكثر.
– مفترق الطرق تجده في كل تفاصيل الحياة يخيرك بين اتجاهات تكون أحياناً متوازية وأحياناً أخرى متقاطعة أو متناقضة أو متصادمة.. ومن هنا تنشأ الحيرة في النفس فتتجاذبها النوازع والأهواء والرغبات.. فتسقط النفس ضحية تحت أقدام اختيار الطريق الخطأ في مفترق الطرق.. أو تقف على قدميها منتصرة عند اختيار الطريق الصحيح.
– حينما تقف عند مفترق الطرق في علاقاتك وتختار الطريق الخطأ فهذا: مع صديقك يعني قطع الصلة، ومع أخيك يعني قطع الرحم، ومع زوجك يعني قطع شراكة الحياة، ومع ابنك يعني قطع الرعاية، ومع والديك يعني قطع البر.
– الطرق إما أن تكون طويلة أو قصيرة أو متعرجة أو وعرة أو منبسطة أو مظلمة أو مضاءة أو سهلة أو صعبة أو مباشرة أو ملتفة، لا ينفي تعددها وتنوعها عن كونها طريق، المشكلة هل هي تؤدي إلى الهدف؟ أما المشكلة الأخرى فهي أن كل ذلك التعدد والتنوع في الطرق التي حددت حالتها ليس واقعها الحقيقي بل هو هوى نفسك ورغباتها.. فما تشتهي نفسك هو الذي يحدد طول أو قصر الطريق ومدى صعوبته ووعورته.
– مفترق الطرق هو الفاصل بين الصواب والخطأ، وبين الاقتراب والابتعاد، وبين الوصول والضياع، وبين الانحراف والاستقامة، وبين الصعود والهبوط.. فمفترق الطرق مصير.