سياسة

حصاد 2022: توحيد اليسار … حلم حزب اشتراكي يتحقق بعد مخاض عسير من رحم مؤتمر الاندماج

حلم إعادة بناء اليسار المغربي والمحاولات المتعثرة لتوحيده، فكرة ظلت تراود رفاق فيدرالية اليسار طيلة السنوات الفارطة، قبل أن تتحول إلى حقيقة وحزب اشتراكي جديد يطمح أن يكون فاعلا بالمشهد السياسي.

مؤتمر اندماجي تحققت فيه وحدة اليسار بحذر شديد، بعد أن تيقنت مكونات الفيدرالية أنها أصبحت قادرة فعلا على حل نفسها، رغم ما كان يكتنف الحلم من خلافات وزوابع تنظيمية عصفت به كانت تنشب بين الرفاق بين الفينة والأخرى.

ولادة لم تكن سهلة ومرت بمخاض عسير، قبل أن تصبح حقيقة في مؤتمر الاندماج الذي انعقد خلال السنة التي نودعها في قلب مدينة بوزنيقة.

مقابل ذلك، ظلت مكونات أخرى من اليسار الفيدرالي، غير متحمسة لتحقيق نفس الحلم الاشتراكي بالانصهار، ووضعت أمامه العراقيل عشية انتخابات 2021، لتقرر زعيمة الحزب الاشتراكي الموحد نبيلة منيب، رسميا عدم رغبتها صراحة في الاندماج تنظيميا في حزب واحد إلى جانب رفاقها الساسي وبوطوالة والعزيز، بعد أن ظلت لسنوات الزعيمة الفعلية للفيدرالية، ساعتها تأكد رفاقها أن المسار الاندماجي لليسار لم يعد أمرا متيسرا أو طريقة ممهدة بالورود.

المسار الاندماجي الذي أعلن عنه خلال الشهر الجاري، حسب زعماء الفيدرالية هو تتويج لتراكمات عقد ونصف من كفاح مكونات الفيدرالية، قبل أن تكون الخطوة السياسية والتنظيمية لمؤتمر بوزنيقة محطة لافتة في هذا المسار الملتبس بالخلاف، تراهن “على إحداث نقلة نوعية في النضال الديمقراطي الجماهيري، في أفق ما تراه الفيدرالية محاولة لـ”تغيير ميزان القوى بشكل ملموس كشرط ضروري لتحقيق انتقال ديمقراطي حقيقي”.

طيلة النصف الثاني من سنة 2022، انكبت اللجنة التحضيرية للمؤتمر التأسيسي لحزب “فيدرالية اليسار الديمقراطي”، على إعداد وثيقة تركيبية لما أنتجته لجانها الموضوعاتية بعد نقاش ديمقراطي خصب، ارتكز على وثائق وأدبيات واجتهادات مؤتمرات مكوناتها السابقة ( حزب الطليعة الاشتراكي الديمقراطي، وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي، والتيار الوحدوي )، في المجالات النظرية والسياسية والتنظيمية والبرنامجية.

المؤتمر الاندماجي الذي وحد أحزاب فيدرالية اليسار المنحلة، كان فرصة لتناول رؤية نقدية جديدة لتوجهات ومضامين نضال الفيدرالية في كل المجالات من جهة، وفرصة لتأكيد انتمائه للفكر الاشتراكي بمكتسباته ومنجزاته، من جهة ثانية.

وحدة اليسار واندماجه في حزب سياسي، تستند حسب القائمين عنه، إلى تصور سياسي لبناء الدولة الديمقراطية الوطنية، “لن يكون مجرد رقم لتأثيث المشهد السياسي ولاحزبا انتخابويا، بل يشكل قوة سياسية تحمل مشروعا ديمقراطيا يهدف إلى تحرير الشعب من التسلط والاستغلال وبناء دولة الحق والقانون”.

حزب اليسار الفيدرالي وهو يستعرض هويته الفكرية وقضاياه المرجعية، وعلى الرغم من تأكيده على” الانتماء للرصيد الاشتراكي الغني بكل اجتهاداته”، إلا أنه تشبث أيضا بـ”تجاوز كل النزعات الدوغمائية والنصية والاقتصادوية والجمود العقائدي، ويحرص على إعمال العقل النقدي في التعاطي مع نماذج الاشتراكية المطبقة والاستفادة من دروسها”.

يعترف المولود السياسي الجديد لليسار، الذي رأى النور نهاية 2022، أن اليسار الديمقراطي، يشتغل تحت إكراهات وعوامل سلبية دولية وجهوية وداخلية، باتت تتميز إجمالا بضعف اليسار العربي وتراجع أدواره، في ظل الهيمنة التي تعرض لها على مدى ثلاثين سنة، وآثار ومضاعفات حكومة التناوب التوافقي، وتراجع دور الحركة العمالية المغربية والجمود العقائدي والكسل الفكري والانحرافات الانتهازية.

ومن تم يشترط الطامحون إلى تحقيق وحدة اليسار بالمغرب، أن مستقبله الزاهر سيكون رهينا لا محالة بتجاوز أعطابه البنيوية، والقيام بمراجعات نقدية حقيقية، وتغليب مصالح الشعب الكادح على كل المصالح الحزبية الضيقة.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى