«الجزيرة» – محمد السنيد:
تُسهم السلوكيات البشرية السلبية تجاه البيئة في التأثير على سلامة الأنظمة البيئية وتوازنها، ومن أخطر تلك العوامل البيئية عدم التعامل مع المخلفات بالشكل المأمول، مما يشكل تهديدًا حقيقيًا ينعكس بشكل مباشر وغير مباشر على مكوناتها المختلفة.
ووفقًا لبعض المراصد البيئية، فإن من أبرز الآثار التي تتركها المخلفات على بيئة المحميات الطبيعية، تتمثل في تلوث التربة والمياه، وتعريض حياة الكائنات الفطرية لخطر التعرض للتسمم جراء أكلها للمخلفات، فضلًا عن الإخلال بالتوازن والتنوع الحيوي في المناطق الطبيعة، وتشويه مشهدها الجمالي.
وتُشير عدة دراسات علمية حديثة، إلى أنّ التلوث البلاستيكي -على سبيل المثال- يُهدد فعليًا النظم البيئية للمحيطات والغابات، وحتى على الأشخاص الذين يعتمدون على الموارد البحرية والزراعية، لتأمين الغذاء والدخل المادي.
وبجهود مؤسسية مُستدامة، فإن هيئة تطوير محمية الملك عبد العزيز الملكية، تعمل وفقًا لإستراتيجيتها، وانطلاقًا من مستهدفات رؤية السعودية 2030 البيئية، ومبادرة «السعودية الخضراء»، على حماية البيئة وتنميتها واستعادة توازنها؛ وذلك عبر إطلاق عدد من المبادرات والفعاليات التي تُسهم في رفع الوعي البيئي المجتمعي، ويمكن الإشارة إلى حملات النظافة الشاملة «لتتنفّس»، لإزالة المخلفات، التي تُعدُّ أحد أهم الأخطار المُهدِّدة لبيئة المحمية.
وتسبب النفايات بأنواعها المختلفة مخاطر بيئية مُتعدِّدة، ومنها: تشويه المناظر الجمالية، وانبعاث الروائح الكريهة، والتأثير على النظام الحيوي في المنطقة التي تتجمّع فيها تلك النفايات، وذلك عبر استجلاب بعض القوارض والحشرات.
ومن خلال جهودها المبذولة، فإن ما قامت به الهيئة من إنجازات في إزالة المخلفات المتنوعة، يؤكد ما حققته في هذا الإطار، انطلاقًا من كونها تُعد من أهمّ المحميات الطبيعية على مستوى منطقة الرياض خاصة، نطاق المملكة العربية السعودية على وجه العموم، الأمر الذي جعلها في طليعة المحميات الملكية في إزالة المخلفات، والمحافظة على بيئتها الجاذبة والمستدامة لجيل اليوم والأجيال القادمة.
ولترسيخ دورها في حماية البيئة، وضمان استدامتها، وتنشيط السياحة البيئية، فقد نفذت هيئة تطوير المحمية حملات لإزالة المخلفات خلال الـ 24 شهرًا الماضية، نجحت عبرها في إزالة أكثر من 30 مليون كجم من المخلفات في المحمية، 23 مليون كيلوجرام منها مخلفات عامة، و5.431.455 كجم من البلاستيك، و792,757 كجم من المطاط، و104.478 كجم من الخشب، و77.972 كجم من الحديد.
وتنسجم الإنجازات السابقة مع إستراتيجية المحمية في تعزيز الاستدامة البيئية، وإعادة تأهيل الأراضي المتدهورة والموائل الطبيعية للحيوانات البرية فيها، عبر إزالة المخلفات التي تعد من العوامل الرئيسة في تدهور الغطاء النباتي، وفقدان التنوع البيولوجي، الأمر الذي يعزز من دورها في الإدارة الفاعلة للمخلفات، وتعزيز نهج الاقتصاد الدائري للكربون، عبر الحفاظ على أعلى قيمة للموارد وإعادة تصنيعها وتدويرها، بما يسهم في التصدي للتحديات البيئية الحالية والمستقبلية.
وبهدف رفع الوعي البيئي لأفراد المجتمع تجاه الثروات الطبيعية، وتفعيل أدوار الجمعيات والفرق البيئية التطوعية، حرصت هيئة تطوير محمية الملك عبد العزيز الملكية، على إشراكهم في المبادرات والحملات المختلفة؛ للحد من ما تواجهه الأنظمة البيئية المختلفة، من تربة، أو مياه، أو هواء، من مخاطر كثيرة وأضرار كبيرة بسبب تأثير النفايات على البيئة المُحيطة، وهو ما حظي بمساهمات مجتمعية مُقدّرة، انعكس على النهوض بالتنمية المستدامة، وتقديم صورة جليّة للوعي البيئي والمسؤولية الاجتماعية لدى المشاركين تجاه الوطن وثرواته الطبيعية.