أسرار الجمعة البيضاء.. من الرابح التاجر أم المستهلك؟
يستعد المتسوقون حول العالم لانطلاق فعاليات يوم “Black Friday” الذي يصادف هذا العام في 25 نوفمبر 2022.
ورغم اختلاف التسميات التي تطلق على هذا اليوم حسب دول العالم بين “الجمعة البيضاء” و”الجمعة السوداء”، يتمثّل القاسم المشترك بينهما بتحقيق المتاجر في العالم لمبيعات قياسية، بفعل التنزيلات على أسعار مختلف المنتجات.
وفي حين يعتبر البعض أن العروض التي يتم طرحها في هذا اليوم فرصة لن تتكرر إلا مرة واحدة في السنة، يشكك البعض الآخر بما يحدث في الواقع، معتبرين أن هذا اليوم يشكل مناسبة كبيرة ليبيع التجار بضائعهم الكاسدة.
ووجدت دراسة أجرتها شركة وان بول لأبحاث السوق، أن 95 بالمئة من المستطلعين سيكررون تجربة التسوق في هذه المناسبة هذا العام، بينما يتوقع 40 بالمئة إنفاقًا أقل بسبب التضخم.
ويقول الأستاذ الجامعي والباحث في التسويق والتسويق السياسي البروفسور وليد أبو خليل في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن العروض التي يتم طرحها في يوم “الجمعة البيضاء” هي عروض جيدة للتجار والمتسوقين على حد سواء، فمن ناحية، يقوم التجار بتصفية مخزوناتهم من السلع وتحقيق ربح، ومن ناحية أخرى، يستفيد الزبائن من شراء السلع بأسعار مخفضة.
وبحسب أبوخليل فإن المستهلك في العصر الرقمي لم يعد جاهلاً، حيث بات بإمكانه اكتشاف أسعار السلع على الإنترنت ومقارنتها، وبالتالي فإن لجوء التجار إلى التلاعب بالأسعار بات أمراً محفوفاً بالمخاطر، مشيراً إلى أن العروض الكبيرة في هذا اليوم تشمل منتجات أقل شعبية بينما لا تخضع الموديلات الجديدة لخصومات كبيرة.
ويرى أبوخليل أنه إذا كانت “الجمعة البيضاء” مناسبة لبيع الأوهام كما يدعي البعض، فلن يكرر المستهلكون عملية الشراء بسبب التجربة السيئة التي مروا بها، وبالتالي فإنه ومع تكرار مشاهد الطوابير في كل عام، يصعب القول إن خصومات “الجمعة البيضاء” وهمية، مشيراً الى أن الحملات الترويجية الشرسة التي يتم اعتمادها في هذا اليوم يمكن أن تؤدي إلى قيام المستهلكين بشراء سلع لا يحتاجون إليها.
من جهتها، تقول الأخصائية في الاضطرابات السلوكية جوانا جليلاتي، في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن ما يجعل الأمر أكثر صخباً في يوم “الجمعة البيضاء” هي العوامل السيكولوجية التي تتم تغذيتها من قبل التجار، والتي تجعل المستهلكين يتدافعون على شراء السلع ظناً منهم أن الفرصة لن تتكرر.
وتشرح جليلاتي أن يوم “الجمعة البيضاء” مبني على عدة عناصر، تركز في أغلبها على التلاعب بإحساس المستهلكين، فيتم أولاً خلق الشعور بالندرة بهدف الحث على الاندفاع بسرعة، فالمستهلك وعند رؤيته أن منتج ما، متوفر بكمية قليلة بسعر رخيص ولوقت محدود، سيشعر أنه بحاجة للتحرك والحصول على المنتج قبل أن يسبقه غيره، فمفهوم “الجمعة البيضاء” مبني أيضاً على خلق جو من التسابق بين المستهلكين للاستفادة من العروض.
وشددت جليلاتي على ضرورة أن يكون المستهلك يقظاً في هذا اليوم، المليء بالإغراءات والضغط الاجتماعي مع رؤيته للكثير من الناس يتسوقون، حيث يجب عليه أن يحدد قائمة بالسلع التي يحتاجها قبل الذهاب الى التسوق، مما قد يساعده على البقاء يقظاً وعدم الوقوع في إغراءات التجار الذين يعتمدون على المتسوق الطائش.